وقوله : { يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ } وهو يوم القيامة ، سمي بذلك لأنه يجمع فيه الأولون والآخرون في صعيد واحد ، يسمعهم الداعي وينَفُذَهم البصر ، كما قال تعالى : { ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ } [ هود : 103 ] وقال تعالى : { قُلْ إِنَّ الأوَّلِينَ وَالآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ } [ الواقعة : 49 ، 50 ]
وقوله : { ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ } قال ابن عباس : هو اسم من أسماء يوم القيامة . وذلك أن أهل الجنة يغبنون أهل النار . وكذا قال قتادة ومجاهد .
وقال مقاتل بن حيان : لا غبن أعظمُ من أن يدخل هؤلاء إلى الجنة ، ويُذْهَب بأولئك إلى النار .
القول في تأويل قوله تعالى : { يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التّغَابُنِ وَمَن يُؤْمِن بِاللّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُكَفّرْ عَنْهُ سَيّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } .
يقول تعالى ذكره : والله بما تعملون خبير يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الجِمْعِ الخلائق للعرض ذلكَ يَوْمَ التّغابُنِ يقول : الجمع يوم غَبْن أهلِ الجنة أهلَ النار . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : ذَلك يَوْمُ التّغابُنِ قال : هو غبن أهل الجنة أهلَ النار .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الجَمْعِ هو يوم القيامة ، وهو يوم التغابن : يوم غَبن أهلِ الجنة أهلَ النار .
حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله : ذلك يَوْمُ التّغابُنِ من أسماء يوم القيامة ، عظّمه وحذّره عبادَه .
وقوله : وَمَنْ يُوءْمِنْ باللّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحا يقول تعالى ذكره : ومن يصدّق بالله ويعمل بطاعته ، وينته إلى أمره ونهيه يُكَفّرْ عَنْهُ سَيّئاتِهِ يقول : يمح عنه ذنوبه وَيُدْخِلْهُ جَنّاتٍ تَجْري مِنْ تَحْتِها الأنهارُ يقول : ويُدخله بساتين تجري من تحت أشجارها الأنهار .
وقوله : خالِدينَ فِيها أبَدا يقول : لابثين فيها أبدا ، لا يموتون ، ولا يخرجون منها .
وقوله : ذلكَ الفَوْزُ العَظِيمُ يقول : خلودهم في الجنات التي وصفنا النجاء العظيم .
يوم يجمعكم ظرف لتنبؤن أو مقدر باذكر وقرأ يعقوب نجمعكم ليوم الجمع لأجل ما فيه من الحساب والجزاء والجمع جمع الملائكة والثقلين ذلك يوم التغابن يغبن فيه بعضهم بعضا لنزول السعداء منازل الأشقياء لو كانوا سعداء وبالعكس مستعار من تغابن التجار واللام فيه للدلالة على أن التغابن الحقيقي هو التغابن في أمور الآخرة لعظمها ودوامها ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا أي عملا صالحا يكفر عنه سيئاته ويدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا وقرأ نافع وابن عامر بالنون فيهما ذلك الفوز العظيم الإشارة إلى مجموع الأمرين ولذلك جعله الفوز العظيم لأنه جامع للمصالح من دفع المضار وجلب المنافع .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.