مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{يَوۡمَ يَجۡمَعُكُمۡ لِيَوۡمِ ٱلۡجَمۡعِۖ ذَٰلِكَ يَوۡمُ ٱلتَّغَابُنِۗ وَمَن يُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ وَيَعۡمَلۡ صَٰلِحٗا يُكَفِّرۡ عَنۡهُ سَيِّـَٔاتِهِۦ وَيُدۡخِلۡهُ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۚ ذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (9)

وقوله تعالى : { يوم يجمعكم ليوم الجمع } يريد به يوم القيامة جمع فيه أهل السماوات وأهل الأرض ، و { ذلك يوم التغابن } والتغابن تفاعل من الغبن في المجازاة والتجارات ، يقال : غبنه يغبنه غبنا إذا أخذ الشيء منه بدون قيمته ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : إن قوما في النار يعذبون وقوما في الجنة يتنعمون ، وقيل : هو يوم يغبن فيه أهل الحق ، أهل الباطل ، وأهل الهدى أهل الضلالة ، وأهل الإيمان . أهل الكفر ، فلا غبن أبين من هذا ، وفي الجملة فالغبن في البيع والشراء وقد ذكر تعالى في حق الكافرين أنهم اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة واشتروا الضلالة بالهدى ، ثم ذكر أنهم ما ربحت تجارتهم ودل المؤمنين على تجارة رابحة ، فقال : { هل أدلكم على تجارة } الآية ، وذكر أنهم باعوا أنفسهم بالجنة فخسرت صفقة الكفار وربحت صفقة المؤمنين ، وقوله تعالى : { ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا } يؤمن بالله على ما جاءت به الرسل من الحشر والنشر والجنة والنار وغير ذلك ، ويعمل صالحا أي يعمل في إيمانه صالحا إلى أن يموت ، قرئ يجمعكم ويكفر ويدخل بالياء والنون .