الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{يَوۡمَ يَجۡمَعُكُمۡ لِيَوۡمِ ٱلۡجَمۡعِۖ ذَٰلِكَ يَوۡمُ ٱلتَّغَابُنِۗ وَمَن يُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ وَيَعۡمَلۡ صَٰلِحٗا يُكَفِّرۡ عَنۡهُ سَيِّـَٔاتِهِۦ وَيُدۡخِلۡهُ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۚ ذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (9)

وقرىء : «نجمعكم » ونكفر . وندخله ، بالياء والنون .

فإن قلت : بم انتصب الظرف ؟ قلت : بقوله : لتنبؤن ، أو بخبير ، لما فيه من معنى الوعيد ، كأنه قيل : والله معاقبكم يوم يجمعكم أو بإضمار «اذكر » { لِيَوْمِ الجمع } ليوم يجمع فيه الأوّلون والآخرون . التغابن : مستعار من تغابن القوم في التجارة ؛ وهو أن يغبن بعضهم بعضاً ، لنزول السعداء منازل الأشقياء التي كانوا ينزلونها لو كانوا سعداء ، ونزول الأشقياء منازل السعداء التي كانوا ينزلونها لو كانوا أشقياء . وفيه تهكم بالأشقياء ؛ لأنّ نزولهم ليس بغبن . وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من عبد يدخل الجنة إلا أرى مقعده من النار لو أساء ، ليزداد شكراً . وما من عبد يدخل النار إلا أرى مقعده من الجنة لو أحسن ، ليزداد حسرة " ومعنى { ذَلِكَ يَوْمُ التغابن } - وقد يتغابن الناس في غير ذلك اليوم - : استعظام له وأن تغابنه هو التغابن في الحقيقة ، لا التغابن في أمور الدنيا وإن جلت وعظمت { صالحا } صفة للمصدر ، أي : عملاً صالحاً .