غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{يَوۡمَ يَجۡمَعُكُمۡ لِيَوۡمِ ٱلۡجَمۡعِۖ ذَٰلِكَ يَوۡمُ ٱلتَّغَابُنِۗ وَمَن يُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ وَيَعۡمَلۡ صَٰلِحٗا يُكَفِّرۡ عَنۡهُ سَيِّـَٔاتِهِۦ وَيُدۡخِلۡهُ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۚ ذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (9)

1

قال جار الله : { يوم يجمعكم } منصوب بقوله { لتنبؤن } أو ب { خبير } لأنه في معنى الوعد كأنه قيل : واله يعاقبكم يوم كذا أو بإضمار " اذكر " . قلت : يجوز أن يكون { يوم } مبنياً على الفتح ومحله ابتداء والخبر جملة قوله { ذلك يوم التغابن } .

سؤال : ما الفائدة في زيادة قوله { ليوم الجمع } الجواب إن كان الخطاب في { يجمعكم } لكفار مكة فظاهر أي اذكروا وقت جمعكم الواقع في وقت يجمع فيه الأوّلون والآخرون ، وإن كان لعموم الناس فلعل اللام في الجمع للمعهود الذي سلف في نحو قوله { يوم يجمع الله الرسل } [ المائدة :109 ] { وحشرناهم فلم نغادر منهم أحداً } [ الكهف : 47 ] { قل إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم } [ الواقعة :49 ، 50 ] هذا ما سمح به الفكر الفاتر والله تعالى أعلم بمراده . قال جار الله : التغابن مستعار من تغابن القوم في التجارة وهو أن يغببن بعضهم بعضاً لنزول السعداء منازل الأشقياء التي كانوا ينزلونها لو كانوا سعداء ، ونزول الأشقياء منازل السعداء التي ينزلونها لو كانوا أشقياء . قلت : في تسمية القسم الأخير تغابناً نظر إلا أن يفرض بنزول الشقي في ذلك المنزل يزيد عذاب الشقي ، وزيادة العذاب سبب تضيق المكان عليه . واعتذر عنه جار الله بأنه تهكم بالأشقياء لأن خسران أحد الفريقين مبني على ربح الآخر ولا ربح في التحقيق فيلزم التهكم مثل{ فبشرهم } [ آل عمران :21 ] وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما من عبد يدخل الجنة إلا يرى مقعده من النار لو أساء ليزداد شكراً وما من عبد يدخل النار إلا يرى مقعده من الجنة لو أحسن ليزداد حسرة " ويجوز أن يفسر التغابن بأخذ المظلوم حسنات الظالم وحمل الظالم خطايا المظلوم وإن صح مجيء التغابن بمعنى الغبن فذلك واضح في حق كل مقصر صرف شيئاً من استعداده الفطري في غير ما أعطى لأجله .

/خ17