لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{يَوۡمَ يَجۡمَعُكُمۡ لِيَوۡمِ ٱلۡجَمۡعِۖ ذَٰلِكَ يَوۡمُ ٱلتَّغَابُنِۗ وَمَن يُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ وَيَعۡمَلۡ صَٰلِحٗا يُكَفِّرۡ عَنۡهُ سَيِّـَٔاتِهِۦ وَيُدۡخِلۡهُ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۚ ذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (9)

قوله عز وجل : { يوم يجمعكم ليوم الجمع } يعني يوم القيامة يجمع الله فيه الأولين والآخرين وأهل السماوات وأهل الأرضين { ذلك يوم التغابن } من الغبن وهو فوت الحظ والمراد في المجازاة والتجارة وذلك أنه إذا أخذ الشيء بدون قيمته فقد غبن والمغبون من غبن أهله ومنازله في الجنة وذلك لأن كل كافر له أهل ومنزل في الجنة لو أسلم فيظهر يومئذ غبن كل كافر يتركه الإيمان ويظهر غبن كل مؤمن بتقصيره في الإحسان وقيل إن قوماً في النار يعذبون وقوماً في الجنة ينعمون فلا غبن أعظم من هذا وقل هو غبن المظلوم للظالم لأن المظلوم مغبون في الدنيا فصار في الآخرة غابناً لظالمه وأصل الغبن في البيع والشراء وقد ذكر الله في حق الكافرين «أنهم خسروا وغبنوا في شرائهم فقال تعالى : { اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة } وقال في حق المؤمنين { هل أدلكم على تجارة } وقال { إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة } فخسرت صفقة الكافرين وربحت صفقة المؤمنين { ومن يؤمن بالله } على ما جاءت به الرسل من الإيمان بالبعث والجنة والنار { ويعمل صالحاً } أي في إيمانه إلى أن يموت على ذلك { يكفر عنه سيئاته ويدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم } .