تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ٱقۡتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنشَقَّ ٱلۡقَمَرُ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة القمر {[1]}

وهي مكية .

قد تقدم في حديث أبي واقد{[2]} : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بقاف ، واقتربت الساعة ، في الأضحى والفِطْر ، وكان يقرأ بهما في المحافل الكبار ، لاشتمالهما على ذكر الوعد والوعيد وبدء الخلق وإعادته ، والتوحيد وإثبات النبوات ، وغير ذلك من المقاصد العظيمة .

يخبر تعالى عن اقتراب الساعة وفراغ الدنيا وانقضائها . كما قال تعالى : { أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ [ سُبْحَانَهُ ] } [ النحل : 1 ] ، {[27731]} وقال : { اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ } [ الأنبياء : 1 ] وقد وردت الأحاديث بذلك ، قال الحافظ أبو بكر البزار :

حدثنا محمد بن المثنى وعمرو بن علي قالا حدثنا خلف بن موسى ، حدثني أبي ، عن قتادة ، عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خَطَبَ أصحابه ذات يوم ، وقد كادت الشمس أن تغرب فلم يبق منها إلا شِفٌّ {[27732]} يسير ، فقال : " والذي نفسي بيده ما بقي من الدنيا فيما مضى منها إلا كما بقي من يومكم هذا فيما مضى منه ، وما نرى من الشمس إلا يسيرا " {[27733]} .

قلت : هذا حديث مداره على خلف بن موسى بن خلف العَمِّيّ ، عن أبيه . وقد ذكره ابن حِبَّان في الثقات ، وقال : ربما أخطأ .

حديث آخر يعضد الذي قبله ويفسره ، قال الإمام أحمد : حدثنا الفضل بن دُكَيْن ، حدثنا شريك ، حدثنا سلمة بن كُهَيْل ، عن مجاهد ، عن ابن عمر قال : كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم والشمس على قُعَيْقِعان بعد العصر ، فقال : " ما أعماركم في أعمار من مضى إلا كما بقي من النهار فيما مضى " {[27734]} .

وقال الإمام أحمد : حدثنا حسين ، حدثنا محمد بن مُطَرِّف ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " بُعِثتُ والساعة {[27735]} هكذا " . وأشار بإصبعيه : السبابة والوسطى .

أخرجاه من حديث أبي حازم سلمة بن دينار {[27736]} .

وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن عُبَيد ، حدثنا الأعمش ، عن أبي خالد ، عن وهب السَّوَائي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بعثت أنا والساعة كهذه من هذه إن كادت لتسبقها{[27737]} " وجمع الأعمش بين السبابة والوسطى{[27738]} .

وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو المغيرة ، حدثنا الأوزاعي ، حدثنا إسماعيل بن عبيد{[27739]} الله ، قال : قدم أنس بن مالك على الوليد بن عبد الملك فسأله : ماذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر به الساعة ؟ فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " أنتم والساعة كهاتين " .

تفرد به أحمد ، رحمه الله{[27740]} . وشاهد ذلك أيضا في الصحيح في أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه الحاشر الذي يُحْشَرُ الناس على قدميه .

وقال الإمام أحمد : حدثنا بَهْزُ بن أسد ، حدثنا سليمان بن المغيرة ، حدثنا حميد بن هلال ، عن خالد بن عمير قال : خطب عتبة بن غَزْوَان - قال بهز : وقال قبل هذه المرة - خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : " أما بعد ، فإن الدنيا قد آذنت بصَرْمٍ وولت حذاء ، ولم يبق منها إلا صُبَابة كصبابة الإناء يتصابها صاحبها ، وإنكم منتقلون منها إلى دار لا زوال لها ، فانتقلوا بخير ما بحضرتكم ، فإنه قد ذكر لنا أن الحجر يُلقَى من شفير جهنم فيهوي فيها سبعين عاما {[27741]} ما يدرك لها قعرًا ، والله لتملؤنه ، أفعجبتم ! والله لقد ذكر لنا أن ما بين مِصْرَاعَي الجنة مسيرة أربعين عاما ، وليأتين عليه يوم وهو كظيظ الزحام " وذكر تمام الحديث ، انفرد به مسلم {[27742]} .

وقال أبو جعفر بن جرير : حدثني يعقوب ، حدثني ابن عُلَيَّةَ ، أخبرنا عطاء بن السائب ، عن أبي عبد الرحمن السُّلَمي قال : نزلنا المدائن فكنا منها على فَرْسَخ ، فجاءت{[27743]} الجمعة ، فحضر أبي وحضرت معه فخطبنا حذيفة فقال : ألا إن الله يقول : { اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ } ، ألا وإن الساعة قد اقتربت ، ألا وإن القمر قد انشق ، ألا وإن الدنيا قد آذنت بفراق ، ألا وإن اليوم المضمار ، وغدا السباق ، فقلت لأبي : أيستبق الناس غدا ؟ فقال : يا بني إنك لجاهل ، إنما هو السباق بالأعمال .

ثم جاءت الجمعة الأخرى فحضرنا فخطب حذيفة ، فقال : ألا إن الله ، عز وجل يقول : { اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ } ، ألا وإن الدنيا قد آذنت بفراق ، ألا وإن اليوم المضمار وغدا السباق ، ألا وإن الغاية النار ، والسابق من سبق إلى الجنة {[27744]} .

وقوله : { وَانْشَقَّ الْقَمَرُ } : قد كان هذا في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما ثبت ذلك في الأحاديث المتواترة بالأسانيد الصحيحة . وقد ثبت في الصحيح عن ابن مسعود أنه قال : " خمس قد مضين : الروم ، والدخان ، واللزام ، والبطشة ، والقمر " {[27745]} . وهذا أمر متفق عليه بين العلماء أي انشقاق القمر قد وقع في زمان النبي صلى الله عليه وسلم وأنه كان إحدى المعجزات الباهرات .

ذكر الأحاديث الواردة في ذلك :

رواية أنس بن مالك :

قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا مَعْمَر ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك قال : سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم آية ، فانشق القمر بمكة مرتين ، فقال : { اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ } .

ورواه مسلم ، عن محمد بن رافع ، عن عبد الرزاق {[27746]} .

وقال البخاري : حدثني عبد الله بن عبد الوهاب ، حدثنا بشر بن المفضل ، حدثنا سعيد بن أبي عَرُوبة ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك ، أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية ، فأراهم القمر شِقَّين ، حتى رأوا حِرَاء بينهما {[27747]} .

وأخرجاه أيضا من حديث يونس بن محمد المؤدّب ، عن شيبان ، عن قتادة {[27748]} . ورواه مسلم أيضا من حديث أبي داود الطيالسي ، ويحيى القطان ، وغيرهما ، عن شعبة ، عن قتادة ، به {[27749]} .

رواية جبير بن مطعم رضي الله عنه :

قال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن كثير ، حدثنا سليمان بن كثير ، عن حصين بن عبد الرحمن ، عن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، قال : انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصار فرقتين : فرقة على هذا الجبل ، وفرقة على هذا الجبل ، فقالوا : سحرنا محمد . فقالوا : إن كان سحرنا فإنه لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم .

تفرد به الإمام أحمد من هذا الوجه ، وأسنده البيهقي في " الدلائل " من طريق محمد بن كثير ، عن أخيه سليمان بن كثير ، عن حصين بن عبد الرحمن ، [ به ]{[27750]} {[27751]} . وهكذا رواه ابن جرير {[27752]} من حديث محمد بن فضيل وغيره ، عن حصين ، به {[27753]} . ورواه البيهقي أيضا من طريق إبراهيم بن طَهْمَان وهُشَيْم ، كلاهما عن حُصَين عن جبير بن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، عن جده فذكره {[27754]} .

رواية عبد الله بن عباس [ رضي الله عنهما ] {[27755]}

قال البخاري : حدثنا يحيى بن بكير ، حدثنا بكر ، عن جعفر ، عن عِرَاك بن مالك ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن ابن عباس قال : انشق القمر في زمان رسول{[27756]} الله صلى الله عليه وسلم {[27757]} .

ورواه البخاري أيضا ومسلم ، من حديث بكر بن مضر ، عن جعفر بن ربيعة ، عن عِرَاك [ بن مالك ] {[27758]} ، به مثله {[27759]} .

وقال ابن جرير : حدثنا ابن مثنى ، حدثنا عبد الأعلى ، حدثنا داود بن أبي هند ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : { اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ . وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ } قال : قد مضى ذلك ، كان قبل الهجرة ، انشق القمر حتى رأوا شقيه .

وروى العَوْفي ، عن ابن عباس نحو هذا .

وقال الطبراني : حدثنا أحمد بن عمرو البزار ، حدثنا محمد بن يحيى القُطَعِي ، حدثنا محمد بن بكر ، حدثنا ابن جريج ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : كُسِفَ القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : سُحِر القمر . فنزلت : { اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ } إلى قوله : { مستمر } .

رواية عبد الله بن عمر :

قال الحافظ أبو بكر البيهقي : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي قالا حدثنا أبو العباس الأصم ، حدثنا العباس بن محمد الدّوري ، حدثنا وهب بن جرير ، عن شعبة ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن عبد الله بن عمر في قوله تعالى : { اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ } قال : وقد كان ذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم انشق فِلْقَتَين : فِلْقَة من دون الجبل ، وفلقة من خلف الجبل ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " اللهم اشهد " .

وهكذا رواه مسلم ، والترمذي ، من طرق عن شعبة ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، به{[27760]} . قال مسلم كرواية مجاهد عن أبي معمر عن ابن مسعود . وقال الترمذي : حسن صحيح .

رواية عبد الله ابن مسعود :

قال الإمام أحمد : حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نَجِيح ، عن مجاهد ، عن أبي مَعْمَر ، عن ابن مسعود قال : انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم شقين حتى نظروا إليه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اشهدوا " .

وهكذا رواه البخاري ومسلم ، من حديث سفيان بن عيينة ، به{[27761]} . وأخرجاه من حديث الأعمش ، عن إبراهيم ، عن أبي معمر عبد الله بن سَخْبَرَة ، عن ابن مسعود ، به{[27762]} .

وقال ابن جرير : حدثني عيسى بن عثمان بن عيسى الرملي ، حدثنا عمي يحيى بن عيسى ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن رجل ، عن عبد الله ، قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى فانشق القمر ، فأخذت فرقة خلف الجبل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اشهدوا ، اشهدوا " {[27763]} .

قال البخاري : وقال أبو الضحى ، عن مسروق ، عن عبد الله : بمكة{[27764]} .

وقال أبو داود الطيالسي : حدثنا أبو عوانة ، عن المغيرة ، عن أبي الضُّحَى ، عن مسروق ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت قريش : هذا سحر ابن أبي كبشة . قال : فقالوا : انظروا ما يأتيكم به السّفَّار ، فإن محمدًا لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم . قال : فجاء السّفَّار فقالوا : ذلك {[27765]} .

وقال البيهقي : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا العباس بن محمد الدَّوْري ، حدثنا سعيد بن سليمان ، حدثنا هُشَيْم ، حدثنا مغيرة ، عن أبى الضحى ، عن مسروق ، عن عبد الله ، قال : انشق القمر بمكة حتى صار فرقتين ، فقال كفار قريش أهل مكة : هذا سحر سحركم به ابن أبي كَبْشَة ، انظروا السفار ، فإن كانوا رأوا ما رأيتم فقد صدق ، وإن كانوا لم يروا مثل ما رأيتم فهو سِحْرٌ سحركم به . قال : فسئل السفار ، قال : وقدموا من كل وجهة ، فقالوا : رأيناه .

رواه ابن جرير من حديث المغيرة ، به {[27766]} . وزاد : فأنزل الله عز وجل : { اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ } . ثم قال ابن جرير :

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن عُلَيَّة ، أخبرنا أيوب ، عن محمد - هو ابن سيرين - قال : نبئت أن ابن مسعود ، رضي الله عنه ، كان يقول : لقد انشق القمر{[27767]} .

وقال ابن جرير أيضا : حدثني محمد بن عمارة ، حدثنا عمرو بن حماد ، حدثنا أسباط ، عن سماك ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عبد الله قال : لقد رأيت الجبل من فَرْج القمر حين انشق .

ورواه الإمام أحمد عن مُؤَمَّل ، عن إسرائيل ، عن سِمَاك ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عبد الله ، قال : انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى رأيت الجبل من بين فرجتي القمر{[27768]} .

وقال ليث عن مجاهد : انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصار فرقتين ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر : " اشهد يا أبا بكر " . فقال المشركون : سُحِر القمر حتى انشق {[27769]} .


[1]:زيادة من أ.
[2]:ورواه ابن مردويه وأبو الشيخ كما في الدر (3/270).
[27731]:- (3) زيادة من أ.
[27732]:- (4) في أ: "شيء".
[27733]:- (5) رواه الطبري في تاريخه (1/11) حدثنا ابن بشار ومحمد بن المثنى عن خلف بن موسى به.قال الهيثمي في المجمع (10/311): "رواه البزار من طريق خلف بن موسى عن أبيه وقد وثقا".
[27734]:- (6) المسند (2/115).
[27735]:- (1) في م: "بعثت أنا والساعة".
[27736]:- (2) المسند (5/388) وصحيح البخاري برقم (6503) وصحيح مسلم برقم (2950).
[27737]:- (3) في م، أ: "لتسبقني".
[27738]:- (4) المسند (4/309).
[27739]:- (5) في أ: "عبد".
[27740]:- (6) المسند (3/223).
[27741]:- (7) في م: "خريفا".
[27742]:- (8) المسند (4/174) وصحيح مسلم برقم (2967).
[27743]:- (9) في أ: "حانت".
[27744]:- (1) تفسير الطبري (27/51).
[27745]:- (2) صحيح البخاري برقم (4767).
[27746]:- (3) المسند (3/165) وصحيح مسلم برقم (2802).
[27747]:- (4) صحيح البخاري برقم (3868).
[27748]:- (5) صحيح البخاري برقم (4867) وصحيح مسلم برقم (2802).
[27749]:- (6) صحيح مسلم برقم (2802) ورواه البخاري في صحيحه برقم (4868) من طريق يحيى عن شعبة به.
[27750]:- (1) زيادة من م.
[27751]:- (2) المسند (4/81) ودلائل النبوة للبيهقي (2/268).
[27752]:- (3) في أ: "جبير".
[27753]:- (4) تفسير الطبري (27/51).
[27754]:- (5) دلائل النبوة (2/268).
[27755]:- (6) زيادة من م.
[27756]:- (7) في م، أ: "النبي".
[27757]:- (8) صحيح البخاري برقم (4866).
[27758]:- (9) زيادة من أ.
[27759]:- (10) صحيح البخاري برقم (3638) وصحيح مسلم برقم (2803).
[27760]:- (1) دلائل النبوة للبيهقي (2/267) وصحيح مسلم برقم (2801) وسنن الترمذي برقم (3288).
[27761]:-(2) المسند (1/377) وصحيح البخاري برقم (4865) وصحيح مسلم برقم (2800).
[27762]:- (3) صحيح البخاري برقم (4864) وصحيح مسلم برقم (2800).
[27763]:- (4) تفسير الطبري (27/50).
[27764]:- (5) صحيح البخاري برقم (295).
[27765]:- (6) مسند الطيالسي برقم (295).
[27766]:- (7) دلائل النبوة للبيهقي (2/266) وتفسير الطبري (27/50).
[27767]:- (1) تفسير الطبري (27/51).
[27768]:- (2) المسند (1/413).
[27769]:- (3) تفسير الطبري (27/51).
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ٱقۡتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنشَقَّ ٱلۡقَمَرُ} (1)

بسم الله الرحمَن الرحيم

القول في تأويل قوله تعالى : { اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَانشَقّ الْقَمَرُ * وَإِن يَرَوْاْ آيَةً يُعْرِضُواْ وَيَقُولُواْ سِحْرٌ مّسْتَمِرّ } .

يعني تعالى ذكره بقوله : اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ : دنت الساعة التي تقوم فيها القيامة ، وقوله اقْتَرَبَتْ افتعلت من القُرب ، وهذا من الله تعالى ذكره إنذار لعباده بدنوّ القيامة ، وقرب فناء الدنيا ، وأمر لهم بالاستعداد لأهوال القيامة قبل هجومها عليهم ، وهم عنها في غفلة ساهون .

وقوله : وَانْشَقّ القَمَرُ يقول جلّ ثناؤه : وانفلق القمر ، وكان ذلك فيما ذُكر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة ، قبل هجرته إلى المدينة ، وذلك أن كفار أهل مكة سألوه آية ، فآراهم صلى الله عليه وسلم انشقاق القمر ، آية حجة على صدق قوله ، وحقيقة نبوته فلما أراهم أعرضوا وكذّبوا ، وقالوا : هذا سحر مستمرّ ، سحرنا محمد ، فقال الله جلّ ثناؤه وَإنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرّ . وبنحو الذي قلنا في ذلك جاءت الاَثار ، وقال به أهل التأويل . ذكر الاَثار المروية بذلك ، والأخبار عمن قاله من أهل التأويل :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة أن أنس بن مالك حدثهم أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية ، فأراهم انشقاق القمر مرّتين .

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، قال : سمعت قتادة يحدّث ، عن أنس ، قال : انشقّ القمر فرقتين .

حدثنا ابن المثنى والحسن بن أبي يحيى المقدسي ، قالا : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا شعبة ، عن قتادة ، قال : سمعت أنسا يقول : انشقّ القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم .

حدثني يعقوب الدورقيّ ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : سمعت أنسا يقول : فذكر مثله .

حدثنا عليّ بن سهل ، قال : حدثنا حجاج بن محمد ، عن شعبة ، عن قتادة ، عن أنس ، قال : انشقّ القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّتين .

حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع ، قال : حدثنا بشر بن المفضل ، قال : حدثنا سعيد بن أبي عَروبة ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية ، فأراهم القمر شقتين حتى رأوا حِراء بينهما .

حدثني أبو السائب ، قال : حدثنا معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن أبي معمر ، عن عبد الله ، قال : انشقّ القمر ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى حتى ذهبت منه فرقة خلف الجبل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «اشْهَدُوا » .

حدثني إسحاق بن أبي إسرائيل ، قال : حدثنا النضر بن شميل المازنيّ ، قال : أخبرنا شعبة ، عن سليمان ، قال : سمعت إبراهيم ، عن أبي معمر ، عن عبد الله ، قال تفلّق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقتين ، فكانت فرقة على الجبل ، وفرقة من ورائه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «اللّهُمّ اشْهَدْ » .

حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل ، قال : حدثنا النضر ، قال : أخبرنا شعبة ، عن سليمان ، عن مجاهد ، عن ابن عمر ، مثل حديث إبراهيم في القمر .

حدثني عيسى بن عثمان بن عيسى الرملي ، قال : ثني عمي يحيى بن عيسى ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن رجل ، عن عبد الله ، قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى ، فانشقّ القمر ، فأخذت فرقة خلف الجبل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «اشْهَدُوا » .

حدثني محمد بن عمارة ، قال : حدثنا عمرو بن حماد ، قال : حدثنا أسباط ، عن سماك ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عبد الله ، قال : رأيت الجبل من فرج القمر حين انشقّ .

حدثنا الحسن بن يحيى المقدسي ، قال : حدثنا يحيى بن حماد ، قال : حدثنا أبو عوانة ، عن المُغيرة ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عبد الله ، قال : انشقّ القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت قريش : هذا سحر بن أبي كَبْشَة سحركم فسلوا السّفّار ، فسألوهم ، فقالوا : نعم قد رأيناه ، فأنزل الله تبارك وتعالى : اقْتَرَبَتِ السّاعةُ وَانْشَقّ القَمَرُ .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، عن عبد الله قال : قد مضى انشقاق القمر .

حدثني أبو السائب ، قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن مسلم ، عن مسروق ، قال : عبد الله خمس قد مضين : الدخان ، واللزام ، والبطشة ، والقمر ، والروم .

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن عُلَية ، قال : أخبرنا أيوب ، عن محمد ، قال : نُبّئت أن ابن مسعود كان يقول : قد انشقّ القمر .

قال : أخبرنا ابن علية ، قال : أخبرنا عطاء بن السائب ، عن أبي عبد الرحمن السُلميّ ، قال : نزلنا المدائن ، فكنا منها على فرسخ ، فجاءت الجمعة ، فحضر أبي ، وحضرت معه ، فخطبنا حُذيفة ، فقال : ألا إن الله يقول اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَانْشَقّ القَمَرُ ألا وإن الساعة قد اقتربت ، ألا وإن القمر قد انشقّ ، ألا وإن الدنيا قد آذنت بفراق ، ألا وإن اليوم المِضْمار ، وغدا السباق ، فقلت لأبي : أتستبق الناس غدا ؟ فقال : يا بنيّ إنك لجاهل ، إنما هو السباق بالأعمال ، ثم جاءت الجمعة الأخرى ، فحضرنا ، فخطب حُذيفة ، فقال : ألا إن الله تبارك وتعالى يقول : اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَانْشَقّ القَمَرُ ألا وإن الساعة قد اقتربت ، ألا وإن القمر قد انشقّ ، ألا وإن الدنيا قد آذنت بفراق ، ألا وإن اليوم المضمار وغدا السباق ، ألا وإن الغاية النار ، والسابق من سَبق إلى الجنة .

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي عبد الرحمن قال : كنت مع أبي بالمدائن ، قال : فخطب أميرهم ، وكان عطاء يروي أنه حُذيفة ، فقال في هذه الاَية : اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَانْشَقّ القَمَرُ قد اقتربت الساعة وانشقّ القمر ، قد اقتربت الساعة وانشقّ القمر ، اليوم المِضْمار ، وغدا السباق ، والسابق من سبق إلى الجنة ، والغاية النار قال : فقلت لأبي : غدا السباق ، قال : فأخبره .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا ابن فضيل ، عن حصين ، عن محمد بن جُبَير بن مطعم ، عن أبيه ، قال : انشقّ القمر ، ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن خارجة ، عن الحصين بن عبد الرحمن ، عن ابن جُبَير ، عن أبيه وَانْشَقّ القَمَرُ قال : انشقّ ونحن بمكة .

حدثنا محمد بن عسكر ، قال : حدثنا عثمان بن صالح وعبد الله بن عبد الحكم ، قالا : حدثنا بكر بن مضر ، عن جعفر بن ربيعة ، عن عِرَاك ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عُتبة ، عن ابن عباس ، قال : انشقّ القمر في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم .

حدثنا نصر بن عليّ ، قال : حدثنا عبد الأعلى ، قال : حدثنا داود بن أبي هند ، عن عليّ بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، قال : انشقّ القمر قبل الهجرة ، أو قال : قد مضى ذاك .

حدثنا إسحاق بن شاهين ، قال : حدثنا خالد بن عبد الله ، عن داود ، عن علي ، عن ابن عباس بنحوه .

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا عبد الأعلى ، قال : حدثنا داود ، عن علي ، عن ابن عباس أنه قال في هذه الاَية : اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَانْشَقّ القَمَرُ قال : ذاك قد مضى كان قبل الهجرة ، انشقّ حتى رأوا شِقّيه .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَانْشَقّ القَمَرُ . . . إلى قوله : سِحْرٌ مُسْتَمِرٌ قال : قد مضى ، كان قد انشقّ القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ، فأعرض المشركون وقالوا : سحر مستمرّ .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَانْشَقّ القَمَرُ قال : رأوه منشقا .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور وليث ، عن مجاهد اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَانْشَقّ القَمَرُ قال : انفلق القمر فلقتين ، فثبتت فلقة ، وذهبت فلقة من وراء الجبل ، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : «اشْهَدُوا » .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن أبي سنان ، عن ليث ، عن مجاهد انشقّ القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فصار فرقتين ، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم لأبي بكر : «اشْهَدْ يا أبا بَكْرٍ » فقال المشركون : سحر القمر حتى انشقّ .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن أبي سنان ، قال : قدم رجل المدائن فقام فقال : إن الله تبارك وتعالى يقول : اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَانْشَقّ القَمَرُ وإن القمر قد انشقّ ، وقد آذنت الدنيا بفراق ، اليوم المِضْمار ، وغدا السباق ، والسابق . من سبق إلى الجنة ، والغاية النار .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَانْشَقّ القَمَرُ يحدث الله في خلقه ما يشاء .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، عن أنس ، قال : سأل أهل مكة النبيّ صلى الله عليه وسلم آية ، فانشقّ القمر بمكة مرّتين ، فقال : اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَانْشَقّ القَمَرُ .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : وَانْشَقّ القَمَرُ قد مضى ، كان الشقّ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ، فأعرض عنه المشركون ، وقالوا : سحْر مستمرّ .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا سلمة ، عن عمرو ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، قال : مضى انشقاق القمر بمكة .