لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{وَمِنَ ٱلنَّاسِ وَٱلدَّوَآبِّ وَٱلۡأَنۡعَٰمِ مُخۡتَلِفٌ أَلۡوَٰنُهُۥ كَذَٰلِكَۗ إِنَّمَا يَخۡشَى ٱللَّهَ مِنۡ عِبَادِهِ ٱلۡعُلَمَـٰٓؤُاْۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ} (28)

{ ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه } يعني خلق مختلف ألوانه { كذلك } يعني كاختلاف الثمرات والجبال وتم الكلام ها هنا ، ثم ابتدأ فقال تعالى { إنما يخشى الله من عباده العلماء } قال ابن عباس يريد إنما يخافني من خلقي من علم جبروتي وعزتي وسلطاني وقيل : عظموه وقدروا قدره وخشوه حق خشيته ومن ازداد به علماً ازداد به خشية ( ق ) عن عائشة قالت صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً فرخص فيه فتنزه عنه قوم فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فخطب فحمد الله ثم قال « ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه فوالله إني لأعلمهم بالله وأشدهم له خشية » قولها فرخص فيه أي لم يشدد فيه قولها فتنزه عن أقوام أي تباعد عنه وكرهه قوم ( ق ) عن أنس قال خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة ما سمعت مثلها قط فقال « لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً » فغطى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجوههم لهم خنين الخنين بالخاء المعجمة ، هو البكاء مع غنة وانتشاق الصوت من الأنف وقال مسروق كفى بخشية الله علماً وكفى بالاغترار بالله جهلاً وقال رجل للشعبي أفتني أيها العالم فقال الشعبي إنما العالم من خشي الله عز وجل وقال مقاتل أشد الناس خشية لله أعلمهم به ، وقال الربيع بن أنس : من لم يخش الله فليس بعالم { إن الله عزيز } أي من ملكه { غفور } يعني لذنوب عباده وهو تعليل لوجوب الخشية لأنه المثيب المعاقب وإذا كان كذلك فهو أحق أن يخشى ويتقى .