غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَمِنَ ٱلنَّاسِ وَٱلدَّوَآبِّ وَٱلۡأَنۡعَٰمِ مُخۡتَلِفٌ أَلۡوَٰنُهُۥ كَذَٰلِكَۗ إِنَّمَا يَخۡشَى ٱللَّهَ مِنۡ عِبَادِهِ ٱلۡعُلَمَـٰٓؤُاْۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ} (28)

1

وحين فرغ من دلائل النبات وما يشبه المعادن شرع في الاستدلال بالحيوان ، وقدّم الإنسان لشرفه ، ثم ذكر الدواب على العموم ، ثم خصص الأنعام ، أو أراد بالدابة الفرس فجعله لشرفه رديف الإنسان . وقوله { مختلف } أي بعض مختلف { ألوانه } وذكر الضمير تغليباً للإنسان أو نظراً إلى البعض . وقوله { كذلك } أي كاختلاف الجبال والثمرات ، وفيه ن هذه الأجناس كما أنها في أنفسها دلائل فهي باختلافها أيضاً دلائل . وحين خاطب نبيه بقوله { ألم تر } بمعنى ألم تعلم أتبعه قوله { إنما يخشى الله من عباده العلماء } كأنه قال : إنما يخشاه مثلك ومن على صفتك ممن نظر في دلائله فعرفه حق معرفته ، أو أراد أن يعرّفه كنه معرفته لأن الخشية على حسب العلم بنعوت كماله وصفات جلاله . وفي الحديث " أعلمكم بالله أشدّكم خشية له " وفائدة تقديم المفعول أن يعلم أن الذين يخشون الله من بين عباده هم العلماء دون غيرهم ، ولو أخر المفعول كان معنى صحيحاً وهو أنهم لا يخشون أحداً إلا الله إلا أن ذلك غير مراد ههنا . وعن عمر بن عبد العزيز ويحكى عن أبي حنيفة قرءا برفع الله ونصب العلماء فتكون الخشية مستعارة للتعظيم أي لا يعظم الله ولا يجل من الرجال إلا العلماء به . ثم بين السبب الباعث على الخشية بقوله { إن الله عزيز غفور } فالعزة توجب الخوف من أليم عقابه والمغفرة توجب الطمع في نعيمه وثوابه ، وفيه أن خوف المؤمن ينبغي أن يكون مخلوطاً برجائه قال أهل التحقيق : قوله { إنما يخشى الله } إشارة إلى عمل القلب .

/خ1