{ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ } وقرئ بتخفيف الباء { وَالأَنْعَامِ } أي ومنهم صنف أو نوع أو بعض .
{ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ } بالحمرة والسواد والبياض والخضرة والصفرة قال الفراء أي : خلق مختلف ألوانه كاختلاف الثمرات والجبال ، وإنما ذكر سبحانه اختلاف الألوان في هذه الأشياء لأن هذا الاختلاف من أعظم الأدلة على قدرة الله وبديع صنعه .
{ كَذَلِكَ } أي مختلفا مثل ذلك الاختلاف ، والتقدير مختلف ألوانه اختلافا كائنا كذلك أي كاختلاف الجبال والثمار ، قال ابن عطية : متعلق بما بعده أي مثل ذلك النظر والاعتبار في مخلوقات الله ، واختلاف ألوانها { إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء } ، وهو مردود بأن ما بعد إنما لا يعمل فيما قبلها ، والراجح الوجه الأول والوقف على كذلك تام ، ثم استأنف الكلام واخبر سبحانه بقوله :
{ إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء } وهو من تتمة قوله : { إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب } على معنى إنما يخشاه سبحانه بالغيب العالمون به ، وبما يليق به من صفاته الجليلة وأفعاله الجميلة ، وعلى كل تقدير فهو سبحانه قد عين في هذه الآية أهل خشيته ، وهم العلماء به ، وبعظيم قدرته قال مجاهد : إنما العالم من خشي الله عز وجل ، ومثله عن الشعبي .
وقال مسروق : كفى بخشية الله علما وكفى بالاغترار جهلا ، وعن ابن مسعود نحوه فمن كان أعلم بالله كان أخشاهم له . قال الربيع بن أنس : من لم يخش الله فليس بعالم ، ووجه تقديم المفعول أن المقام مقام حصر الفاعلية ولو أخر لانعكس الأمر ، وقرئ : برفع الاسم الشريف ونصب العلماء ورويت هذه القراءة عن أبي حنيفة : قال في الكشاف : الخشية في هذه القراءة استعارة ، والمعنى أنه يجلهم ويعظهم كما يجل المهيب المخشي من الرجال بين الناس .
قال ابن عباس : العلماء بالله الذين يخافونه ، وعنه قال : الذين يعلمون أن الله على كل شيء قدير ، وعن ابن مسعود قال : ليس العلم من كثرة الحديث ، لكن العلم من الخشية ، وفي لفظ بكثرة الرواية وعن حذيفة بحسب المؤمن من العلم أن يخشى الله .
وعن عائشة قالت : صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فرخص فيه فتنزه عنه قوم فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فخطب فحمد الله ، ثم قال : ( ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه فوالله إني لأعلمهم بالله وأشدهم له خشية ) أخرجه البخاري ومسلم .
{ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ } تعليل لوجوب الخشية لدلالته على أنه معاقب على معصيته غافر لمن تاب من عباده .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.