الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَمِنَ ٱلنَّاسِ وَٱلدَّوَآبِّ وَٱلۡأَنۡعَٰمِ مُخۡتَلِفٌ أَلۡوَٰنُهُۥ كَذَٰلِكَۗ إِنَّمَا يَخۡشَى ٱللَّهَ مِنۡ عِبَادِهِ ٱلۡعُلَمَـٰٓؤُاْۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ} (28)

{ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَآبِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ } قال : المؤرخ : إنما { أَلْوَانُهُ } لأجل { مِنَ } ، وسمعت أُستاذنا أبا القاسم بن حبيب يقول : سمعت أبا بكر محمّد بن عياش يقول : إنما قال : { أَلْوَانُهُ } ؛ لأجل أنها مردودة إلى «ما » في الإضمار ، مجازه : ومن الناس والدوابّ والأنعام ما هو مختلف ألوانه .

{ كَذَلِكَ } تمام الكلام هاهنا ، أي ومن هذه الأشياء مختلف ألوانه باختلاف الثمرات ، ثم ابتدأ فقال سبحانه وتعالى : { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ } روى عن عمر بن عبد العزيز أنه قرأ ( إنما يخشى اللهُ ) رفعاً و ( العلماءَ ) نصباً ، وهو اختيار أبي حنيفة على معنى يعلم الله ، وقيل : يختار ، والقراءة الصحيحة ما عليه العامة .

وقيل : نزلت هذه الآية في أبي بكر الصديق رضي الله عنه أخبرني ابن فنجويه قال : حدثنا ابن شنبه عن إسحاق بن صدقة قال : حدّثنا عبد الله بن هاشم عن سيف بن عمر قال : حدّثنا عباس بن عوسجة عن عطاء الخراساني رفع الحديث قال : ظهر من أبي بكر خوف حتى عرف فيه فكلمه النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك فأنزل الله سبحانه تعالى : { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ } في أبي بكر رضي الله عنه وفي الحديث : " أعلمهم بالله أشدهم له خشية " .

وقال مسروق : كفى بالمرء علماً أنْ يخشى الله ، وكفى بالمرء جهلاً أن يعجب بعلمه .

وأخبرني الحسين بن محمد بن الحسين الثقفي قال : حدثنا محمد بن إبراهيم الربيعي قال : حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن أيوب المحرمي قال : حدثنا صالح بن مالك الأزدي قال : حدّثنا عبيد الله بن سعد عن صالح بن مسلم الليثي قال : أتى رجل الشعبيَّ فقال : أفتني أيها العالم ؟ فقال : العالم من خشي الله عز وجل .

{ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ }