قوله عز وجل : { قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم } أي : قل يا محمد لقومك إن الله هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم يعني الصيحة والحجارة والريح والطوفان كما فعل بقوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط { أو من تحت أرجلكم } يعني الرجفة والخسف كما فعل بقوم شعيب وقارون . وقال ابن عباس ومجاهد : عذاباً من فوقكم ، يعني أئمة السوء والسلاطين الظلمة أو من تحت أرجلكم يعني عبيد السوء . وقال الضحاك : من فوقكم يعني من قبل كباركم أو من تحت أرجلكم يعني السفلة { أو يلبسكم شيعاً } الشيع جمع شيعة وكل قوم اجتمعوا على أمر فهم شيعة وأشياع وأصله من التشيع . ومعنى الشيعة : الذين يتبع بعضهم بعضاً : وقيل : الشيعة هم الذين يتقوى بهم الإنسان . قال الزجاج : في قوله أو يلبسكم شيعاً يعني يخلط أمركم خلط اضطراب لا خلط إنفاق فيجعلكم فرقاً مختلفين يقاتل بعضكم بعضاً وهو معنى قوله : { ويذيق بعضكم بأس بعض } قال ابن عباس : قوله أو يلبسكم شيعاً يعني الأهواء المختلفة ويذيق بعضكم بأس بعض يعني أنه يقتل بعضكم بيد بعض . وقال مجاهد : يعني أهواء متفرقة وهو ما كان فيهم من الفتن والاختلاف . وقال ابن زيد : هو الذي فيه الناس اليوم من الاختلاف والأهواء وسفك بعضهم دماء بعض . ثم اختلف المفسرون فيمن عني بهذه الآية فقال قوم عني بها المسلمون من أمة محمد صلى الله عليه وسلم وفيهم نزلت هذه الآية . قال أبو العالية : في قوله { قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم } الآية . قال : هن أربع وكلهن عذاب فجاءت اثنتان بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس وعشرين سنة ألبسوا شيعاً وأذيق بعضهم بأس بعض وبقيت اثنتان وهما لا بد واقعتان يعني الخسف والمسخ . وعن أبي بن كعب نحوه وهن أربع خلال وكلهن واقع قبل يوم القيامة مضت ثنتان بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس وعشرين سنة ألبسوا شيعاً وأذيق بعضهم بأس بعض ثنتان واقعتان لا محالة الخسف والرجم . وقال مجاهد : في قوله من فوقكم أو من تحت أرجلكم لأمة محمد فأعفاهم منه أو يلبسكم شيعاً ما كان بينهم من الفتن والاختلاف زاد غيره ويذيق بعضكم بأس بعض يعني ما كان فيهم من القتل بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ( خ ) عن جابر قال لما نزلت هذه الآية قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أعوذ بوجهك أو من تحت أرجلكم قال أعوذ بوجهك أو يلبسكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس بعض قال هذا أهون أو هذا أيسر " ( م ) .
عن سعد بن أبي وقاص أنه أقبل مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم من العالية حتى إذا مر بمسجد بني معاوية دخل فركع فيه ركعتين وصلينا معه ودعا ربه طويلاً ثم انصرف إلينا فقال : " سألت ربي ثلاثاً فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة سألت ربي أن لا يهلك أمتي بالسنة فأعطانيها وسألت ربي أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها وسألت ربي أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها " . عن خباب بن الأرت قال : " صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة فأطالها فقالوا يا رسول الله صليت صلاة لم تكن تصليها قال : " أجل إنها صلاة رغبة ورهبة إني سألت الله فيها ثلاثة فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة سألته أن لا تهلك أمتي بسنة فأعطانيها وسألته أن لا يسلط عليهم عدواً من غيرهم فأعطانيها وسألته أن لا يذيق بعضهم بأس بعض فمنعنيها " أخرجه الترمذي وقوله تعالى : { انظر كيف نصرف الآيات } أي انظر يا محمد كيف نبين دلائلنا وحجتنا لهؤلاء المكذبين { لعلهم يفقهون } يعني يفهمون ويعتبرون فينزجروا ويرجعوا عما هم عليه من الكفر والتكذيب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.