تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان  
{قُلۡ هُوَ ٱلۡقَادِرُ عَلَىٰٓ أَن يَبۡعَثَ عَلَيۡكُمۡ عَذَابٗا مِّن فَوۡقِكُمۡ أَوۡ مِن تَحۡتِ أَرۡجُلِكُمۡ أَوۡ يَلۡبِسَكُمۡ شِيَعٗا وَيُذِيقَ بَعۡضَكُم بَأۡسَ بَعۡضٍۗ ٱنظُرۡ كَيۡفَ نُصَرِّفُ ٱلۡأٓيَٰتِ لَعَلَّهُمۡ يَفۡقَهُونَ} (65)

الشيع : واحدها شيعة ، وهم كل قوم اجتمعوا على أمر . أو يلبسكم شيعا : يخلط أمركم خلط اضطراب فيجعلكم فرقاً مختلفة .

بأس : شدة .

نصرف الآيات : نحولها من نوع إلى آخر من فنون الكلام .

يفقهون : يفهمون .

بعد أن بيّن تعالى الدلائل على كمال القدرة الآلهية ، ونهاية الرحمة بعباده ، ذكر هنا قدرته على تعذيبهم إن عصوَه ، وأبان أن عاقبة كفران النعم زوالها .

قل أيها الرسول لقومك الذين لا يشكرون نعمة الله ويشركون معه غيره في العبادة : إن الله وحده هو الذي يقدر على أن يرسل عليكم عذاباً يأتيكم من أعلاكم أو من أسفلكم ، أو يجعل بعضكم لبعض عدوّاً ، وتكونون طوائف مختلفة الأهواء متناكرة ، يقتل بعضكم بعضا .

انظر أيها الرسول كيف دلّت الدلائل على قدرتنا واستحقاقنا وحدنا للعبادة ، ومع هذا لا يؤمن قومك بذلك ! !

لا شك أن هذه الآية من معجزات القرآن الذي لا تفنى عجائبه ، فإن فيها نبأ مَن كان قبل الإسلام ، ومن كان زمن التنزيل ، ومن سيأتي بعدهم .

فهذه الحروب التي تشبّ في عصرنا فيها من الأهوال ما لم يسبق له نظير ، فقد أرسل الله على تلك الأمم المحاربة عذاباً من فوقها تقذفه الطائرات والصواريخ ، وعذاباً من تحتها تقذفه الغواصات من أعماق البحار ، وتهلك به مختلف السفن ، كما جعل أمم أوروبا شيعاً متعادية ، ذاق بعضُها بأس بعض فحلّ بها من القتل والدمار والتخريب ما يشيب له الأطفال .

وإذا نظرنا في أحوالنا نحن العرب والمسلمين ، نجد أننا يعادي بعضنا بعضا ونحترب ، فيما العدو مترّبص بنا ينتظر لينقضّ علينا ويلتهم ما يستطيع من أراضينا وبلادنا . وما ذلك إلا لأننا بعُدنا عن ديننا ، وغرّتْنا الحياة الدنيا ، فأصبحنا شيعاً كل حزب بما لديهم فرحون .

روى أحمد والترمذي عن سعد بن أبي وقاص قال «سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية قل هو القادر . . الخ » قال : أما إنّها كائنةٌ ولَم يأتِ تأويلُها بعد . . . » .