السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قُلۡ هُوَ ٱلۡقَادِرُ عَلَىٰٓ أَن يَبۡعَثَ عَلَيۡكُمۡ عَذَابٗا مِّن فَوۡقِكُمۡ أَوۡ مِن تَحۡتِ أَرۡجُلِكُمۡ أَوۡ يَلۡبِسَكُمۡ شِيَعٗا وَيُذِيقَ بَعۡضَكُم بَأۡسَ بَعۡضٍۗ ٱنظُرۡ كَيۡفَ نُصَرِّفُ ٱلۡأٓيَٰتِ لَعَلَّهُمۡ يَفۡقَهُونَ} (65)

{ قل } لهم { هو القادر على أن يبعث } في كل وقت يريده { عليكم } في كل حالة { عذاباً من فوقكم } بإرسال الصيحة والحجارة والريح والطوفان كما فعل بقوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط وأصحاب الفيل { أو من تحت أرجلكم } بالغرق أو الخسف كما فعل بفرعون وقارون ، وعن ابن عباس ومجاهد : عذاباً من فوقكم : السلاطين الظلمة ، أو من تحت أرجلكم : العبيد السوء ، وقال الضحاك : من فوقكم أي : من قبل كباركم أو من تحت أرجلكم أي : من أسفل منكم { أو يلبسكم } أي : يخلطكم { شيعاً } أي : فرقاً وينشب فيكم الأهوال المختلفة بقتل بعضكم بعضاً .

روي لما نزلت هذه الآية : { قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم } قال صلى الله عليه وسلم : «أعوذ بوجهك » { أو ومن تحت أرجلكم } قال : «أعوذ بوجهك » { أو يلبسكم شيعاً } { ويذيق بعضكم بأس بعض } أي : بالقتال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «هذا أهون أو أيسر ) .

وفي رواية أنه صلى الله عليه وسلم قال : ( سألت ربي طويلاً أن لا يهلك أمّتي بالغرق فأعطانيها وسألته أن لا يهلك أمّتي بالسنين فأعطانيها وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها ) .

وفي رواية أنه صلى الله عليه وسلم سأل الله تعالى ثلاثاً فأعطاه اثنتين ومنعه واحدة ( سأله أن لا يسلط على أمّته عدوّاً من غيرهم يظهر عليهم فأعطاه ذلك وسأله أن لا يهلكهم بالسنين فأعطاه ذلك وسأله أن لا يجعل بأس بعضهم على بعض فمنعه ذلك ) { انظر } يا محمد { كيف نصرف } أي : نبين لهم { الآيات } الدالة على قدرتنا { لعلهم يفقهون } أي : يعلمون أنّ ما هم عليه باطل فيرجعوا عنه .