وقوله تعالى : { قُلْ هُوَ القادر على أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مّن فَوْقِكُمْ } يعني : الحصب بالحجارة كما فعل بقوم لوط ، والغرق كما أرسل على قوم نوح . يعني : إن استكبرتم ، وأصررتم ، وكذبتم رسلي مثل ما فعل قوم نوح ، أو فعلتم الفعلة التي فعل قوم لوط ثم قال : { أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ } يعني يخسف بكم كما خسف بقارون ومن معه ، إن استكبرتم واغتررتم بالدنيا كما فعل قارون .
ثم قال : { أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً } يعني : الأهوال المختلفة ، كما ألبس بني إسرائيل إن تركتم أمر رسولي ، واتبّعتم هواكم كما فعل بنو إسرائيل { وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ } يعني يقتل بعضكم بعضاً بالسيف كما فعل بالأمم الخالية ، إن فعلتم مثل ما فعلوا . فلما نزلت هذه الآية قال النبي : صلى الله عليه وسلم « يا جِبْرِيلُ ما بَقَاءُ أُمَّتِي عَلَى ذلك ؟ » قال له جبريل : إنَّمَا أنا عَبْدٌ مِثْلُكَ فادْعُ رَبَّكَ وَسَلْهُ لأمَّتِكَ فقام النبِي صلى الله عليه وسلم فتوضأ ، وأسبغ الوضوء ، فأحسن الصلاة ، ثم دعا فنزل جبريل فقال : إنَّ الله تعالَى سَمِعَ مَقَالَتَكَ ، وَأَجَارَهُمْ مِنْ خَصْلَتَيْنِ ، وَهُوَ العَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ ، وَمِنْ تَحْتَ أَرْجُلِهِمْ . فَقَالَ : « يَا جِبْرِيلُ ما بَقَاءُ أُمَّتِي إذا كان فِيهِمْ أَهْوَاءَ مُخْتَلِفَةٌ وَيُذِيقُ بَعْضُهُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ؟ » فنزل جبريل بهذه الآية { الم أَحَسِبَ الناس أَن يتركوا أَن يقولوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ } [ العنكبوت : 1/2 ] الآية وقال النبي صلى الله عليه وسلم : « افْتَرَقَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ عَلَى إحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً وَتَفَتَرِقُ أُمَّتِي اثْنَانَ وَسَبْعُونَ فِرْقَةً كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إلاَّ وَاحِدَةَ » قالوا : يا رسول الله ما هذه الواحدة ؟ قال :
« أهْلَ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ الَّذِي أنا عَلَيْهِ ، وأصْحَابِي » وفي خبر آخر . « السَّوَادُ الأعْظَمُ » وروى عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله أنه قال : لما نزلت هذه الآية { قُلْ هُوَ القادر على أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أعُوذُ بِوَجْهِ الله » فلما نزلت { أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ } قال : « هاتان أهون » ويقال : عذاباً من فوقكم يعني : سلطاناً جائراً ، { أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ } من سفهائكم يقلبون عليكم { أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ } يعني : الفتنة بين المحلتين أو القريتين .
ثم قال : { انظر كَيْفَ نُصَرّفُ الآيات } يعني : نبيّن الآيات من البلاء والعذاب في القرآن { لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ } يعني : يعقلون ما هم عليه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.