الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{قُلۡ هُوَ ٱلۡقَادِرُ عَلَىٰٓ أَن يَبۡعَثَ عَلَيۡكُمۡ عَذَابٗا مِّن فَوۡقِكُمۡ أَوۡ مِن تَحۡتِ أَرۡجُلِكُمۡ أَوۡ يَلۡبِسَكُمۡ شِيَعٗا وَيُذِيقَ بَعۡضَكُم بَأۡسَ بَعۡضٍۗ ٱنظُرۡ كَيۡفَ نُصَرِّفُ ٱلۡأٓيَٰتِ لَعَلَّهُمۡ يَفۡقَهُونَ} (65)

قوله : { قل هو القادر على أن يبعث{[20247]} } الآية [ 66 ] .

( { شيعا } : نصب على الحال ، أو المصدر ){[20248]} . والمعنى : قل لهم يا محمد : الله القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم ، أو من تحت أرجلكم{[20249]} ، جزاء لشرككم به بعد إذ ( نجاكم مما ){[20250]} أنتم فيه{[20251]} .

والعذاب الذي ( هو ){[20252]} من فوقهم : هو{[20253]} الرجم ، والذي من تحت أرجلهم : الخسف{[20254]} ، قاله ابن جبير ومجاهد والسدي{[20255]} .

وقال الفراء { من فوقكم }{[20256]} : المطر والحجارة والطوفان ، و{ أرجلكم من تحت{[20257]} } : الخسف{[20258]} .

وقال ابن عباس : العذاب الذي ( هو ){[20259]} من فوق : أئمة السوء ، والذي من أسفل : خدمة السوء وسفلة الناس{[20260]} .

وقال الضحاك : { من فوقكم } : من كباركم ، { أو من تحت أرجلكم } : من سفلتكم{[20261]} .

( و ) قوله : { أو يلبسكم شيعا }{[20262]} ( أي ){[20263]} يخلطكم{[20264]} ( فرقا{[20265]} ، من ( لَبَست عليه الأمر ) : أخلطته{[20266]} فمعناه : يخلطكم{[20267]} ){[20268]} أهواء مختلفة مفترقة{[20269]} .

وقال الفراء : { يلبسكم شيعا } أي : ذوي أهواء مختلفة{[20270]} .

وقرأ{[20271]} المدني{[20272]} { يلبسكم } بضم الياء ، من ( ألبس ){[20273]} .

وقوله : { ويذيق بعضكم بأس بعض } أصل{[20274]} هذا من ( ذوق الطعام ) ، ثم استعمل في كل ما وصل إلى الرجل من حلاوة أو مرارة أو مكروه{[20275]} .

( قال ( ابن عباس ){[20276]} : يعني بالسيوف{[20277]} . و ){[20278]} قال ابن عباس : ( يسل{[20279]}ط ( بعضكم ){[20280]} على بعض بالقتل ){[20281]} .

وقد قيل : إنه عني{[20282]} بهذا المسلمون من أمة محمد{[20283]} .

قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إني سألت الله في صلاتي هذه ثلاثا{[20284]} " – وأشار إلى صلاة صبح{[20285]} كان قد أبطأ فيها – قال : " سألته ألا يُسَلّط على أمتي{[20286]} السّنة{[20287]} ، فأعطانيه{[20288]} ، وسألته ألا يلبسهم شيعا ، وألا يُذيق بعضَهم{[20289]} بأس بعض ، فمنعنيهما{[20290]} " .

وروى جابر أن النبي عليه السلام قال : – لما نزل عليه { قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم } - : " أعوذ بوجهك " . فلما نزل { أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض } ، قال : " هاتان أيْسَرُ وأهون{[20291]} " .

قال الحسن قوله : { أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم } : هذا للمشركين { أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض } : هذا للمسلمين{[20292]} .

ثم قال : انظر يا محمد { كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون } ، أي يفقهون ما يقال لهم{[20293]} .


[20247]:ب ج د: يبعث عليكم.
[20248]:إعراب النحاس 1/544، وانظر: إعراب مكي 256.
[20249]:ب: اروجلكم.
[20250]:ب ج د: انجاكم ما.
[20251]:انظر: تفسير الطبري 11/416.
[20252]:ساقطة من ب ج د.
[20253]:مطموسة في أ.
[20254]:ب ج د: هو الخسف.
[20255]:وهو قول ابن مسعود أيضا في تفسير الطبري 11/416، 417.
[20256]:ب ج د: فوقهم.
[20257]:ج د: أرجلهم.
[20258]:انظر: معانيه 1/338، وهو قول ابن قتيبة أيضا في غريبه 2/259، 260.
[20259]:ساقطة من ب ج د.
[20260]:انظر: تفسير الطبري 11/417، 418، وتفسير ابن كثير 2/148.
[20261]:هو قول (ابن عباس في رواية عن عكرمة) في التفسير الكبير 13/22، وهو قول مجاهد أيضا في أحكام القرطبي 7/9، وعزاه في تفسير البحر 4/151 إلى ابن عباس فقط.
[20262]:ساقطة من د.
[20263]:انظر: المصدر السابق.
[20264]:ب ج: يخلطهم.
[20265]:انظر: مجاز أبي عبيدة 1/194.
[20266]:انظر: معاني الزجاج 2/260.
[20267]:ب: يخلطهم.
[20268]:مستدركة في هامش (أ) ومخرومة بكاملها.
[20269]:ج د: متفرقة. وهو قول مجاهد والسدي وابن عباس في تفسير الطبري 11/419، 420.
[20270]:انظر: معانيه 1/338.
[20271]:ب: فرى.
[20272]:مطموسة في أ، ولعلها: المدني: ب ج د: المري. والمدني هو أبو عبد الله محمد المديني الأصبهاني، مقرئ متصدر أديب. قرأ على أحمد بن محمد وغيره. عليه عبد العزيز الفارسي وخلق. انظر: الغاية 2/241.
[20273]:ب: السين. وهي قراءة أبي عبد الله المدني في المحرر 6/71، وأحكام القرطبي 7/9، وتفسير البحر 4/151.
[20274]:ب: أهل.
[20275]:انظر: تفسير الطبري 11/420.
[20276]:الظاهر من الطمس أنها كما أثبت.
[20277]:هو قول مجاهد في تفسير الطبري 11/421، وبعض قول جبريل لرسول الله – في قول ابن عباس – في التفسير الكبير 13/22، 23.
[20278]:ساقطة من ب ج د.
[20279]:ب: من يسلط.
[20280]:أ: بعضهم.
[20281]:انظر: تفسير الطبري 11/421.
[20282]:أ ب: عنى.
[20283]:هو قول أبي العالية ومجاهد وقتادة وجابر وغيرهم في تفسير الطبري 11/421 وما بعدها، وانظر: تفسير مجاهد 323.
[20284]:د: ثلاث.
[20285]:د: الصبح.
[20286]:ب: أمة.
[20287]:الظاهر من الطمس في (أ) أنها كما أثبت ب: السلعة، في موضعها بياض في ج د.
[20288]:الظاهر من الطمس في (أ) أنها كما أثبت. ب: وأعطانيه.
[20289]:ب: بعضكم.
[20290]:مطموسة في أ. وهو بعض قول رسول الله لخباب في أحكام القرطبي 7/10. وانظر: روايات في هذا المعنى بإسناد جيد في تفسير ابن كثير 2/145، وذكر نحوه عن أنس في الفردوس 2/310، وفي المطالب العالية 4/153.
[20291]:انظر: تفسير الطبري 11/427.
[20292]:انظر: تفسير الطبري 11/430.
[20293]:انظر: تفسير الطبري 11/432.