لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{۞وَإِذَا رَأَيۡتَهُمۡ تُعۡجِبُكَ أَجۡسَامُهُمۡۖ وَإِن يَقُولُواْ تَسۡمَعۡ لِقَوۡلِهِمۡۖ كَأَنَّهُمۡ خُشُبٞ مُّسَنَّدَةٞۖ يَحۡسَبُونَ كُلَّ صَيۡحَةٍ عَلَيۡهِمۡۚ هُمُ ٱلۡعَدُوُّ فَٱحۡذَرۡهُمۡۚ قَٰتَلَهُمُ ٱللَّهُۖ أَنَّىٰ يُؤۡفَكُونَ} (4)

{ وإذا رأيتهم } يعني المنافقين مثل عبد الله بن أبي ابن سلول { تعجبك أجسامهم } يعني أن لهم أجساماً ومناظر حسنة { وإن يقولوا تسمع لقولهم } أي فتحسب أنه صدق قال ابن عباس كان عبد الله بن أبي ابن سلول جسيماً فصيحاً ذلق اللسان فإذا قال سمع النبي صلى الله عليه وسلم قوله { كأنهم خشب مسندة } أي أشباح بلا أرواح وأجسام بلا أحلام شبههم بالخشب المسندة إلى جدر وليست بأشجار مثمرة ينتفع بها { يحسبون كل صيحة عليهم } يعني أنهم لا يسمعون صوتاً في العسكر بأن ينادي مناد أو تنفلت دابة أو تنشد ضالة إلا ظنوا من خبثهم وسوء ظنهم أنهم يرادون بذلك وظنوا أنهم قد أتوا لما في قلوبهم من الرعب وقيل إنهم على خوف ووجل من أن ينزل فيهم أمر يهتك أستارهم ويبيح دماءهم وتم الكلام عند قوله عليهم ثم ابتدأ فقال تعالى : { هم العدو فاحذرهم } أي لا تأمنهم فإنهم وإن كانوا معك ويظهرون تصديقك أعداء لك فاحذرهم ولا تأمنهم على سرك لأنهم عيون لأعدائك من الكفار ينقلون إليهم أسرارك { قاتلهم الله } أي لعنهم الله { أنى يؤفكون } أي يصرفون عن الحق .