بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{۞وَإِذَا رَأَيۡتَهُمۡ تُعۡجِبُكَ أَجۡسَامُهُمۡۖ وَإِن يَقُولُواْ تَسۡمَعۡ لِقَوۡلِهِمۡۖ كَأَنَّهُمۡ خُشُبٞ مُّسَنَّدَةٞۖ يَحۡسَبُونَ كُلَّ صَيۡحَةٍ عَلَيۡهِمۡۚ هُمُ ٱلۡعَدُوُّ فَٱحۡذَرۡهُمۡۚ قَٰتَلَهُمُ ٱللَّهُۖ أَنَّىٰ يُؤۡفَكُونَ} (4)

قوله تعالى : { وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ } يعني : المنافقين ، { تُعْجِبُكَ أجسامهم } يعني : عبد الله بن أبي ابن سلول المنافق ، كان رجلاً جسيماً فصيحاً يعني : يعجبك منظرهم وفصاحتهم . { وَإِن يَقُولُواْ تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ } يعني : تصدقهم فتحسب أنهم محقون . { كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ } ، قال مقاتل : فيها تقديم ، يقول : كأن أجسامهم خشب مسندة بعضها على بعض قائماً ، وإنها لا تسمع ولا تعقل ، ويقال : { خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ } يعني : خشب أسند إلى الحائط ، ليس فيها أرواح ، فكذلك المنافقون لا يسمعون الإيمان ولا يعقلون . قرأ الكسائي ، وأبو عمرو ، وابن كثير في إحدى الروايتين { كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ } بجزم الشين ، والباقون بالضم ، ومعناهما واحد ، وهو جماعة الخشب .

فوصفهم بتمام الصور ، ثم أعلم أنهم في ترك التفهم بمنزلة الخشب . ثم قال : { يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ } ، فوصفهم بالجبن أي : كلما صاح صائح ، ظنوا أن ذلك لأمر عليهم ويقال : إن كل من خاطب النبي صلى الله عليه وسلم ، كانوا يخافون ويظنون أنه مخاطب يخاطبه في أمرهم ، وكشف نفاقهم . ثم أمر أن يحذرهم ، وبيّن أنهم أعداؤه فقال : { هُمُ العدو } يعني : هم أعداؤك ، { فاحذرهم } ولا تأمن من شرهم . ثم قال : { قاتلهم الله } يعني : لعنهم { أنى يُؤْفَكُونَ } يعني : من أين يكذبون ؟ ويقال : من أين يصرفون عن الحق ؟ .