الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{۞وَإِذَا رَأَيۡتَهُمۡ تُعۡجِبُكَ أَجۡسَامُهُمۡۖ وَإِن يَقُولُواْ تَسۡمَعۡ لِقَوۡلِهِمۡۖ كَأَنَّهُمۡ خُشُبٞ مُّسَنَّدَةٞۖ يَحۡسَبُونَ كُلَّ صَيۡحَةٍ عَلَيۡهِمۡۚ هُمُ ٱلۡعَدُوُّ فَٱحۡذَرۡهُمۡۚ قَٰتَلَهُمُ ٱللَّهُۖ أَنَّىٰ يُؤۡفَكُونَ} (4)

- ثم قال تعالى : ( وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم ) [ 4 ] .

العامل في " ( إذا ) " من قوله [ ( إذا جاءك ) ] و[ ( وإذا رأيتهم )وشبهه : الفعل الذي بعدهما . وفيهما معنى المجازاة ، للإبهام الذي فيهما ، وإذا كان فيهما معنى المجازاة لم( 5 ) يضافا إلى ما بعدهما . وإذا لم يضافا فأحسن أن يعمل ما بعدهما فيهما ، إلا أنه لا يختار أن يجزما للتوقيت الذي فيهما . ففارقا به معنى حروف الشرط من وجه ، فقبح العمل في اللفظ ، وحسن العمل في المعنى دون اللفظ للإبهام الذي فيهما ، فإن قدرتهما مضافين إلى ما بعدهما ، لم يعمل فيهما ولا عملا فيه لفظ ولا معنى .

والمعنى : وإذا رأيت – يا محمد – هؤلاء المنافقين تعجبك أجسامهم لاستواء خلقها وحسن صورتها ( وإن يقولوا تسمع لقولهم ) [ 4 ] كما تسمع كلام غيرهم من أهل الإيمان فتظنه حقا .

- ( كأنهم خشب مسندة )[ 4 ] .

أي لا خير عندهم ولا علم ، إنما هم صور وأشباح [ بلا فهم ] ولا علم ولا عقل .

ثم قال : ( يحسبون كل صيحة عليهم )[ 4 ] .

( أي ) يظنون – من جبنهم وسوء ظنهم – كل صيحة يسمعونها أنها عليهم . وقيل : المعنى : يحسبون كل صائح يصيح أنه يقصدهم ، لأنهم ( على ) وجل من إظهار الله ( ما أخفوا ) من النفاق فيهتك سترهم ويبيح للمؤمنين قتلهم وسبي [ ذراريهم ] وأخذ أموالهم ، فهم من خوفهم كلما نزل وحي على النبي ظنوا أنه في أمرهم وفي هلاكهم وعطبهم .

- ثم قال تعالى : ( هم العدو فاحذرهم ) [ 4 ] .

أي : هم الأعداء لك – يا محمد – و( المؤمنين ) ، فاحذرهم .

- ثم قال تعالى : ( [ قاتلهم ] الله أنى يوفكون ) [ 4 ] .

أي : عاقبهم الله فأهلكهم فصاروا بمنزلة من قتل ، من أين يص( رفو )ن/عن الحق بعد ظهور البراهين والحجج .