صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{۞وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلَّا وَحۡيًا أَوۡ مِن وَرَآيِٕ حِجَابٍ أَوۡ يُرۡسِلَ رَسُولٗا فَيُوحِيَ بِإِذۡنِهِۦ مَا يَشَآءُۚ إِنَّهُۥ عَلِيٌّ حَكِيمٞ} (51)

{ وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا } دلت الآية على أن تكليم الله تعالى للبشر وقع على ثلاثة أنحاء : الأول – بالإبقاء في القلب يقظة أو مناما ، ويسمى وحيا ؛ وهو يشمل الإلهام والرؤيا المنامية . مصدر وحى إليه –كوعى – وأوحى إليه مثله . تقول العرب : وحيث إليه وله ، وأوحيت إليه وله ؛ ولغة القرآن الفاشية " أوحى " بالألف . وأصل الوحي : الإشارة السريعة . يقال : أمر وحى أي سريع ؛ ثم غلب استعماله فيما يلقى للمصطفين الأخيار من الكلمات الإلهية . الثاني – بإسماع الكلام الإلهي من غير أن يرى السامع من يكلمه ؛ كما كان لموسى عليه السلام ، وكما كان للملائكة الذين كلمهم الله في قصة خلق آدم ؛ وهو المراد بقوله تعالى : { أو من وراء حجاب } . الثالث – بإرسال ملك ترى صورته المعينة ، ويسمع كلامه ؛ كجبريل عليه السلام فيوحى للنبي ما أمر الله أن يوحى به إليه ؛ وهو المعنى بقوله تعالى : { أو يرسل رسولا فيوحى بإذنه ما يشاء } . ومعنى الآية على ما اختاره الزمخشري : وما صح أن يكلم الله أحدا في حال إلا موحيا أو مسمعا من وراء حجاب ، أو مرسلا رسولا .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{۞وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلَّا وَحۡيًا أَوۡ مِن وَرَآيِٕ حِجَابٍ أَوۡ يُرۡسِلَ رَسُولٗا فَيُوحِيَ بِإِذۡنِهِۦ مَا يَشَآءُۚ إِنَّهُۥ عَلِيٌّ حَكِيمٞ} (51)

{ وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا } الآية : بين الله تعالى فيها كلامه لعباده وجعله على ثلاثة أوجه :

أحدها : الوحي المذكور أولا وهو الذي يكون بالهام أو منام .

والآخر : أن يسمعه كلامه من وراء حجاب .

الثالث : الوحي بواسطة الملك وهو قوله : { أو يرسل رسولا } يعني : ملكا فيوحي بإذنه ما يشاء إلى النبي وهذا خاص بالأنبياء .

والثاني : خاص بموسى وبمحمد صلى الله عليه وسلم إذ كلمه الله ليلة الإسراء .

وأما الأول : فيكون للأنبياء والأولياء كثيرا وقد يكون لسائر الخلق ومنه : { وأوحى ربك إلى النحل } [ النحل : 68 ] ومنه منامات الناس .

{ أو يرسل رسولا } قرئ يرسل ، ويوحي بالرفع على تقدير أو هو يرسل وبالنصب عطفا على وحيا لأن تقديره : أن يوحي عطف على أن المقدرة .