صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف  
{يُخَٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَمَا يَخۡدَعُونَ إِلَّآ أَنفُسَهُمۡ وَمَا يَشۡعُرُونَ} (9)

{ يُخَادِعُونَ اللّهَ } يخادعون رسول الله بإظهار الإيمان وإبطان الكفر ، ليدفعوا عن أنفسهم القتل والأسر والجزية ، ويفوزوا بسهم من الغنائم ، وليعلموا أسرار المؤمنين ثم يفشوها لأعدائهم نكاية بهم . يقال خدعه –كمنعه- خدعا ، ختله وأراد به مكروها من حيث لا يعلم ، كاختدعه ، والاسم منه الخديعة . ونسب ذلك إلى الله تعالى للتنبيه إلى علو منزلته –صلى الله عليه وسلم- حيث جعل خداعه خداعا له تعالى . وصيغة المفاعلة تقع كثيرا لغير اثنين ، نحو عافاك الله ، وعاقبت اللص . وقرئ " يخدعون الله " .

أو المراد أن صورة صنيعهم مع الله حيث أظهروا وأخفوا الكفر ، وصورة صنيع الله معهم حيث أمر بإجراء أحكام الإسلام عليهم في الدنيا وأخر عقابهم إلى الآخرة-تشبه صورة المخادعة ، وهو كقوله تعالى : { إنَّ المُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُم }{[9]}

{ وَمَا يَشْعُرُونَ } أي يفطنون إلى أن وبال خداعهم عائد عليهم بالشقاء الأبدي . يقال : شعر بالشئ –كنصر وكرم- أي فطن له ، ومنه الشاعر لفطنته ، لأنه يفطن لما لا يفطن له غيره من غريب المعاني ودقيقها .


[9]:آية 142 النساء