صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف  
{مَثَلُهُمۡ كَمَثَلِ ٱلَّذِي ٱسۡتَوۡقَدَ نَارٗا فَلَمَّآ أَضَآءَتۡ مَا حَوۡلَهُۥ ذَهَبَ ٱللَّهُ بِنُورِهِمۡ وَتَرَكَهُمۡ فِي ظُلُمَٰتٖ لَّا يُبۡصِرُونَ} (17)

{ مَثَلُهُمْ } أي صفة المنافقين . والمثل : الصفة ، ومنه : { وَلِلَّهِ المَثَلُ الأعلى }{[12]} . أي الصفات العلا . واصل المثل بمعنى المثل . والمثل : النظير والشبيه ، ثم أطلق على القول السائر المعروف ، لمماثلة مضربه وهو الذي يضرب فيه ، لمورده الذي ورد فيه أولا ، ولا يكون إلا فيما فيه غرابة . ثم استعير للصفة أو الحال أو القصة ، إذا كان لها شأن عجيب وفيها غرابة .

{ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ } أي أوقد نارا عظيمة . والسين والتاء مزيدتان وليستا للطلب ، كاستجاب وأجاب . وتنكير " نارا " للتفخيم . والإضاءة : فرط الإنارة . شبهت حيرة المنافقين في ضلالهم وشدة الأمر عليهم ، بما يكابده من طفئت ناره بعد إيقادها في ظلمة الليل . أو شبه المنافق بموقد النار ، وإظهاره الإيمان لاجتناء ثمراته بالإضاءة ، وانقطاع انتفاعه بإهلاكه ، وإفشاء حاله بانطفاء النار وذهاب نورها .


[12]:آية 60 النحل