بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{يُخَٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَمَا يَخۡدَعُونَ إِلَّآ أَنفُسَهُمۡ وَمَا يَشۡعُرُونَ} (9)

قوله تعالى : { يخادعون الله } وأصل الخداع في اللغة هو الستر . يقال للبيت الذي يخزن فيه المال : مخدع ، والعرب تقول : انخدعت الضب في جحرها . فكان المنافقون يظهرون الإيمان ويسترون نفاقهم وكفرهم فقال : { يخادعون الله والذين آمَنُوا } أي يكذبون ويخالفون الله والذين آمنوا ويقال يظنون أنهم يخادعون الله والذين آمنوا ، لأنه قد بين في سياق الآية حيث قال تعالى : { وَمَا يَخْدَعُونَ إلاَّ أَنفُسَهُمْ } . روي عن الأخفش أنه قال : اجترؤوا على الله ، حتى ظنوا أنهم يخادعون الله . وقال بكر بن جريج : يظهرون لا إله إلا الله ، يريدون أن يحرزوا بذلك دماءهم وأموالهم وأنفسهم ؛ ويقال : يظهرون غير ما في أنفسهم . وهذا موافق لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : علامة المنافق ثلاث : إذا وعد أخلف ، وإذا أوتمن خان ، وإذا حدَّث كذب .

وقوله : { وَمَا يَخْدَعُونَ إلاَّ أَنفُسَهُمْ } . قرأ أهل الكوفة عاصم وحمزة الكسائي { وَمَا يَخْدَعُونَ } بغير ألف ، وقرأ الباقون بالألف { وَمَا يخادعون } . وتفسير القراءتين واحد يعني : وبال الخداع يرجع إليهم ويضر بأنفسهم .

قوله : { وَمَا يَشْعُرُونَ } . قال الكلبي : يعني وما يعلمون أن الله يطلع نبيه على كذبهم ؛ وقال بعضهم : معناه وما يشعرون أن وبال الخداع يرجع إليهم .