صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف  
{هُوَ ٱلَّذِيٓ أَخۡرَجَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ مِن دِيَٰرِهِمۡ لِأَوَّلِ ٱلۡحَشۡرِۚ مَا ظَنَنتُمۡ أَن يَخۡرُجُواْۖ وَظَنُّوٓاْ أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمۡ حُصُونُهُم مِّنَ ٱللَّهِ فَأَتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِنۡ حَيۡثُ لَمۡ يَحۡتَسِبُواْۖ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعۡبَۚ يُخۡرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيۡدِيهِمۡ وَأَيۡدِي ٱلۡمُؤۡمِنِينَ فَٱعۡتَبِرُواْ يَـٰٓأُوْلِي ٱلۡأَبۡصَٰرِ} (2)

{ هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب } أي بني النضير . { من ديارهم } قرب المدينة على ميلين منها . { لأول الحشر } أي عند أول حشر ؛ أي إخراج إلى الشام وغيرها . والحشر : إخراج الجماعة عن مقرهم ، وإزعاجهم عنه إلى الحرب وغيرها . واللام للتوقيت ؛ كما في قوله تعالى : " لدلوك الشمس " {[352]} . { ما ظننتم أن يخرجوا } لعزتهم ومنعتهم . { وظلوا أنهم ما نعتهم حصونهم من الله } أي من بأسه ونقمته . { فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا } فأخذهم الله من حيث لم يظنوا ولم يخطر ببالهم أنهم يؤخذون ، وكانوا يضنون بالمسلمين الضعف في ذلك الوقت{ وقذف في قلوبهم الرعب } ألقى فيها الخوف والفزع الشديد . وأصل القذف : الرمي بقوة أو من بعيد . والرعب : الانقطاع من امتلاء القلب بالخوف . { فاعتبروا يا أولي الأبصار } فاتعظوا بما نزل بهم ، واحذروا أن تفعلوا مثل فعلهم ؛ فتعاقبوا مثل عقوبتهم . والاعتبار : من العبور والمجاوزة من شيء إلى شيء ، ومنه العبرة لانتقالها من العين إلى الخذ . واعتبار القائم لانتقاله من الأصل إلى الفرع .


[352]:آية 78 الإسراء.