محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{هُوَ ٱلَّذِيٓ أَخۡرَجَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ مِن دِيَٰرِهِمۡ لِأَوَّلِ ٱلۡحَشۡرِۚ مَا ظَنَنتُمۡ أَن يَخۡرُجُواْۖ وَظَنُّوٓاْ أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمۡ حُصُونُهُم مِّنَ ٱللَّهِ فَأَتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِنۡ حَيۡثُ لَمۡ يَحۡتَسِبُواْۖ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعۡبَۚ يُخۡرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيۡدِيهِمۡ وَأَيۡدِي ٱلۡمُؤۡمِنِينَ فَٱعۡتَبِرُواْ يَـٰٓأُوْلِي ٱلۡأَبۡصَٰرِ} (2)

ثم أشار إلى بيان بعض آثار عزته تعالى وإحكام حكمته إثر وصفه بالعزة الظاهرة والحكمة الباهرة على الإطلاق بقوله { هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب } يعني بني النضير من اليهود { من ديارهم } أي مساكنهم التي جاوروا بها المسلمين حول المدينة لطفا بهم ، { لأول الحشر } أي لأول الجمع لقتالهم يعني أخرجهم تعالى بقهره لأول ما حشر لغزوهم والتوقيت به إشارة إلى شدة الأخذ الرباني لهم وقوة البطش والانتقام بقذف الرعب في قلوبهم حتى اضطروا لأول الهجوم عليهم إلى الجلاء والفرار كما يأتي :{ ما ظننتم أن يخرجوا } أي لشدة بأسهم ومنعتهم فصار آية لكم لأنه من آثار سننه تعالى في إذلال المفسدين وقهرهم ، { وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله } أي من بأسه ، { فأتاهم الله } أي عذابه وهو الرعب والاضطرار إلى الجلاء ، { من حيث لم يحتسبوا } أي لم يظنوا ، { وقذف في قلوبهم الرعب } أي أنزله إنزالا شديدا فيها لدلالة مادة ( القذف ) عليه كأنه مقذوف الحجارة .

قال القاشاني أي نظر ينظر القهر إليهم فتأثروا به لاستحقاقهم لذلك ومخالفة الحبيب ومشاقته ومضاداته ولوجود الشك في قلوبهم وكونهم على غير بصيرة من أمرهم وبينة من ربهم إذ لو كانوا أهل يقين ما وقع الرعب في قلوبهم ولعرفوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بنور اليقين وآمنوا به فلم يخالفوه .

{ يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار } أي كيف حل بالمفسدين ما حل ونزل بهم ما نزل لتعلموا صدق الله في وعده ووعيده .