فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{هُوَ ٱلَّذِيٓ أَخۡرَجَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ مِن دِيَٰرِهِمۡ لِأَوَّلِ ٱلۡحَشۡرِۚ مَا ظَنَنتُمۡ أَن يَخۡرُجُواْۖ وَظَنُّوٓاْ أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمۡ حُصُونُهُم مِّنَ ٱللَّهِ فَأَتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِنۡ حَيۡثُ لَمۡ يَحۡتَسِبُواْۖ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعۡبَۚ يُخۡرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيۡدِيهِمۡ وَأَيۡدِي ٱلۡمُؤۡمِنِينَ فَٱعۡتَبِرُواْ يَـٰٓأُوْلِي ٱلۡأَبۡصَٰرِ} (2)

{ هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله } .

الله الذي يسبح له ما في السماوات وما في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب والجن والإنس والذي لا يعجز عن شيء ولا يعترض على فعله ، هو الذي أخرج الكافرين من يهود بني النضير أخرجهم من مساكنهم المنيعة ليحشروا ويجمعوا أول تجمع في خيبر أو شمالي خيبر ؛ ولقد كنتم يا معشر المؤمنين ترون خروجهم أمرا عسيرا لما شاهدتم من قوة بأسهم ؛ وظنوا أن قلاعهم وبروجهم المشيدة المحصنة لن يقدر أحد على إنزالهم منها وتحويلهم عنها ، وظنوا بالله العزيز غير الحق وغرهم به- تبارك اسمه – الغرور .

{ فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار( 2 ) } .

فمكر الله تعالى بهم ، وأحل الخذلان والهزيمة جوانب نفوسهم ، فوهنت عزائمهم ، وانكسرت شوكتهم ، وأحسوا دنو الهزيمة ، وأن قتالهم للمؤمنين لن يحقق لهم خيرا ، ولن يعقب اليهود نصرا ، فاتجهوا إلى بيوتهم وعمدوا إلى تخريبها حتى لا يسكنها المسلمون بعدهم ؛ والمؤمنون يخربونها من خارجها ليخلصوا إلى هؤلاء الغادرين ؛ فالسعيد الذي أوتي نورا في عقله وبصيرته ينبغي أن يتعظ بما يجريه المولى القدير في الطاغين الباغين ، فإنه مهلكهم ببأسه الذي لا يرد عن القوم المجرمين ؛ بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما نقضوا من حلفهم مع خاتم النبيين ؛ ولكل ناكث أمثالها . كما هي عبرة أن من ينصر الله ينصره مهما كثر عدد الباغين ، وتحزبت أجنادهم الشياطين ، فإن العاقبة للمتقين . قال جمهور من العلماء : في الآية دليل على القياس .