تفسير ابن أبي زمنين - ابن أبي زمنين  
{هُوَ ٱلَّذِيٓ أَخۡرَجَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ مِن دِيَٰرِهِمۡ لِأَوَّلِ ٱلۡحَشۡرِۚ مَا ظَنَنتُمۡ أَن يَخۡرُجُواْۖ وَظَنُّوٓاْ أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمۡ حُصُونُهُم مِّنَ ٱللَّهِ فَأَتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِنۡ حَيۡثُ لَمۡ يَحۡتَسِبُواْۖ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعۡبَۚ يُخۡرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيۡدِيهِمۡ وَأَيۡدِي ٱلۡمُؤۡمِنِينَ فَٱعۡتَبِرُواْ يَـٰٓأُوْلِي ٱلۡأَبۡصَٰرِ} (2)

{ هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر } يعني : الشام ، وهي أرض المحشر { ما ظننتم أن يخرجوا } يقول : ما ظننتم أن يحكم الله عليهم بأن يجلوا إلى الشام { وظنوا } ظن بنو النضير { أنهم مانعتهم حصونهم من الله } أي : لم يكونوا يحتسبون أن يخرجوا من ديارهم ومن حصونهم { يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين } .

تفسير الكلبي : " لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالسير إلى بني النضير ، فبلغهم ذلك خربوا الأزقة ، وحصنوا الدور ، فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقاتلهم إحدى وعشرين ليلة ، كلما ظهر على دار من دورهم أو درب من دروبهم هدمه ليتسع المقاتل ، وجعلوا ينقبون دورهم من أدبارها إلى الدار التي تليها ، ويرمون أصحاب رسول الله بنقضها ، فلما يئسوا من نصر المنافقين ، وذلك أن المنافقين كانوا وعدوهم إن قاتلهم النبي صلى الله عليه وسلم أن ينصروهم ، فلما يئسوا من نصرهم سألوا نبي الله الصلح ، فأبى عليهم إلا أن يخرجوا من المدينة ، فصالحهم على أن يجليهم إلى الشام على أن لهم أن يحمل أهل كل ثلاثة أبيات على بعير ما شاءوا من طعام وسقاء ، ولنبي الله وأصحابه ما فضل ففعلوا " {[1376]} .

{ فاعتبروا } فتفكروا { يا أولي الأبصار( 2 ) } يعني : العقول وهم المؤمنون .


[1376]:انظر: سيرة ابن هشام (3/108)، والطبري (28/19)، والنكت (4/206)، وزاد المسير (8/201)، والقرطبي (18/2)، والدر المنثور (6/187)، وينظر: البخاري المغازي، حديث بني النضير(5/22)، وتفسر سورة الحشر (6/58)، وصحيح مسلم –الجهاد- حديث (1746)، (3/1365).