قوله تعالى : { هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب } يعني يهود بني النضير .
{ من ديارهم } يعني من منازلهم بالحجاز .
{ لأول الحشر } أجلاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد رجوعه من أُحد إلى أذرعات الشام ، وأعطى كل ثلاثة بعيراً يحملون عليه ما استقل إلا السلاح ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد عاهدهم حين هاجر إلى المدينة أن لا يقاتلوا معه ولا عليه ، فكفوا يوم بدر لظهور المسلمين ، وأعانوا المشركين يوم أحد حين رأوا ظهورهم على المسلمين ، فقتل رئيسهم كعب بن الأشرف ، قتله محمد{[2936]} بن مسلمة غيلة . ثم سار إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فحاصرهم ثلاثاً وعشرين ليلة محارباً حتى أجلاهم عن المدينة .
في قوله : { لأول الحشر } ثلاثة أوجه :
أحدها : لأنهم أول من أجلاه النبي صلى الله عليه وسلم من اليهود ، قاله ابن حبان .
الثاني : لأنه أول حشرهم ، لأنهم يحشرون بعدها إلى أرض المحشر في القيامة ، قاله الحسن . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما أجلى بني النضير قال لهم " امضوا فهذا أول الحشر وأنا على الأثر " .
الثالث : أنه أول حشرهم لما ذكره قتادة أنه يأتي عليهم بعد ذلك من مشرق الشمس نار تحشرهم إلى مغربها تبيت معهم إذ باتوا [ وتقيل معهم حيث قالوا ] وتأكل منهم من تخلف .
{ ما ظننتم أن يخرجوا } يعني من ديارهم لقوتهم وامتناعهم .
{ وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله } أي من أمر الله .
{ فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا } فيه وجهان :
أحدهما : لم يحتسبوا بأمر الله .
الثاني : قاله ابن جبير والسدي : من حيث لم يحتسبوا بقتل ابن الأشرف .
{ وقذف في قلوبهم الرعب } فيه وجهان :
أحدهما : لخوفهم من رسول الله .
{ يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين } فيه خمسة أوجه :
أحدها : بأيديهم بنقض الموادعة ، وأيدي المؤمنين بالمقاتلة ، قاله الزهري .
الثاني : بأيديهم في تركها ، وأيدي المؤمنين في إجلائهم عنها ، قاله أبو عمرو ابن العلاء .
الثالث : بأيديهم في إخراب دواخلها وما فيها لئلا يأخذها المسلمون ، وبأيدي المؤمنين في إخراب ظواهرها ليصلوا بذلك إليهم .
قال عكرمة : كانت منازلهم مزخرفة فحسدوا المسلمين أن يسكنوها فخربوها من داخل ، وخربها المسلمون من خارج .
الرابع : معناه : أنهم كانوا كلما هدم المسلمون عليهم من حصونهم شيئاً نقضوا من بيوتهم ما يبنون به من حصونهم ، قاله الضحاك .
الخامس : أن تخريبهم بيوتهم أنهم لما صولحوا على حمل ما أقلته إبلهم جعلوا ينقضون ما أعجبهم من بيوتهم حتى الأوتار ليحملوها على إبلهم ، قاله عروة بن الزبير ، وابن زيد .
وفي قوله : { يخربون } قراءتان : بالتخفيف ، وبالتشديد ، وفيهما وجهان :
أحدهما : أن معناهما واحد وليس بينهما فرق .
أحدهما : أن من قرأ بالتشديد أراد إخرابها بأفعالهم ، ومن قرأ بالتخفيف أراد إخرابها بفعل غيرهم قاله أبو عمرو .
الثاني : أن من قرأ بالتشديد أراد إخرابها بهدمهم لها . وبالتخفيف أراد فراغها بخروجهم عنها ، قاله الفراء .
ولمن تعمق بغوامض المعاني في تأويل ذلك وجهان :
أحدهما : يخربون بيوتهم أي يبطلون أعمالهم بأيديهم ، يعني باتباع البدع ، وأيدي المؤمنين في مخالفتهم{[2937]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.