معاني القرآن للفراء - الفراء  
{هُوَ ٱلَّذِيٓ أَخۡرَجَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ مِن دِيَٰرِهِمۡ لِأَوَّلِ ٱلۡحَشۡرِۚ مَا ظَنَنتُمۡ أَن يَخۡرُجُواْۖ وَظَنُّوٓاْ أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمۡ حُصُونُهُم مِّنَ ٱللَّهِ فَأَتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِنۡ حَيۡثُ لَمۡ يَحۡتَسِبُواْۖ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعۡبَۚ يُخۡرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيۡدِيهِمۡ وَأَيۡدِي ٱلۡمُؤۡمِنِينَ فَٱعۡتَبِرُواْ يَـٰٓأُوْلِي ٱلۡأَبۡصَٰرِ} (2)

قوله عز وجل : { هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ } .

هؤلاء بنو النضير : كانوا قد عاقدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ألا يكونوا معه ولا عليه ، فلما نُكب المسلمون يوم أُحد غدروا ، وركب حُيّى بن أخطب إلى أبي سفيان وَأصحابِه من أهل مكة ، فتعاقدوا على النبي صلى الله عليه وسلم ، وأتاه الوحي بذلك ، فقال للمسلمين : أُمرت بقتل حيي ، فانتدب له طائفة من المسلمين فقتلوه ، وغدا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم ، فتحصنوا في دورهم ، وجعلوا ينقبون الدار إلى التي هي أحصن منها ، ويرمون النبي صلى الله عليه وسلم بالحجارة التي يخرجون منها ، وجعل المسلمون يهدمون دورهم ليتسع موضع القتال ، فذلك قوله [ عز وَجل ] : { يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ } ، واجتمع القراء على ( يُخْرِبون ) إِلا عبد الرحمن السلمي ، فإنه قرأ ( يخرّبون ) ، كأنَّ يخرّبون : يهدّمون ، ويُخْرِبون بالتخفيف : يخرجون منها يتركونها ، ألا ترى أنهم كانوا ينقبون الدار فيعطلونها ؟ فهذا معنى : ( يُخْرِبون ) والذين قالوا ( يخرّبون ) ذهبوا إلى التهديم الذي كان المسلمون يفعلونه ، وكل صواب . والاجتماع من قراءة القراء أحب إليّ .

[ وقوله تبارك وتعالى : { فَاعْتَبِرُواْ يا أُوْلِي الأَبْصَارِ } : يا أولي العقول ، ويقال : يا أولي الأبصار : يا من عاين ذلك بعينه ] .

وقوله : { لأَوَّلِ الْحَشْرِ } .

[ هم ] أول من أجلى عن جزيرة العرب ، وهي الحجاز .