صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف  
{وَيَوۡمَ يَحۡشُرُهُمۡ جَمِيعٗا يَٰمَعۡشَرَ ٱلۡجِنِّ قَدِ ٱسۡتَكۡثَرۡتُم مِّنَ ٱلۡإِنسِۖ وَقَالَ أَوۡلِيَآؤُهُم مِّنَ ٱلۡإِنسِ رَبَّنَا ٱسۡتَمۡتَعَ بَعۡضُنَا بِبَعۡضٖ وَبَلَغۡنَآ أَجَلَنَا ٱلَّذِيٓ أَجَّلۡتَ لَنَاۚ قَالَ ٱلنَّارُ مَثۡوَىٰكُمۡ خَٰلِدِينَ فِيهَآ إِلَّا مَا شَآءَ ٱللَّهُۚ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٞ} (128)

{ يا معشر الجن . . } المعشر : الجماعة أمرهم واحد . والمراد هنا : الشياطين ، أي و يقال لهم في ذلك اليوم : قد أكثرتم من إغوائكم الإنس و إضلالكم إياهم . أو أكثرتم منهم بأن جعلتموهم أتباعكم .

{ ربنا استمتع بعضنا ببعض }أي انتفع الإنس بالجن ، حيث دلوهم على المفاسد وما يوصل إليها .

و الجن بالأنس ، حيث أطاعوهم و انقادوا إليهم فصاروا كالأتباع لهم . والمراد بهم الكفار .

{ إلا ما شاء الله }الأرجح أن المراد بهذا الاستثناء و بنظائره في آيات أخر- المبالغة في الخلود . أي أنه لا ينتفى في وقت ما إلا وقت مشيئته تعالى ، وهو تعالى لا يشاء ذلك ، فقد أخبر أن هؤلاء الكفار لا يخرجون من النار أبدا . وفي إيراد المعنى في هذه الصورة بيان أن مرد الأمور كلها إلى مشيئته تعالى ، وأن خلودهم إنما كان بمحض المشيئة ، ولو شاء الله عدمه لم يخلدوا . وفيه تنكيل آخر بهم ، وهو إبقاؤهم في حيرة دائمة وتردد ، بين الطمع في الخروج و اليأس منه .