مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَيَوۡمَ يَحۡشُرُهُمۡ جَمِيعٗا يَٰمَعۡشَرَ ٱلۡجِنِّ قَدِ ٱسۡتَكۡثَرۡتُم مِّنَ ٱلۡإِنسِۖ وَقَالَ أَوۡلِيَآؤُهُم مِّنَ ٱلۡإِنسِ رَبَّنَا ٱسۡتَمۡتَعَ بَعۡضُنَا بِبَعۡضٖ وَبَلَغۡنَآ أَجَلَنَا ٱلَّذِيٓ أَجَّلۡتَ لَنَاۚ قَالَ ٱلنَّارُ مَثۡوَىٰكُمۡ خَٰلِدِينَ فِيهَآ إِلَّا مَا شَآءَ ٱللَّهُۚ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٞ} (128)

{ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً } وبالياء حفص أي واذكر يوم نحشرهم أو ويوم نحشرهم قلنا { جَمِيعًا يامعشر الجن قَدِ استكثرتم مّنَ الإنس } أضللتم منهم كثيراً وجعلتموهم أتباعكم كما تقول استكثر الأمير من الجنود { وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُم مّنَ الإنس } الذين أطاعوهم واستمعوا إلى وسوستهم { رَبَّنَا استمتع بَعْضُنَا بِبَعْضٍ } أي انتفع الإنس بالشياطين حيث دلوهم على الشهوات وعلى أسباب التوصل إليها ، وانتفع الجن بالإنس حيث أطاعوهم وساعدوهم على مرادهم في أغوائهم { وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الذي أَجَّلْتَ لَنَا } يعنون يوم البعث وهذا الكلام اعتراف بما كان منهم من طاعة الشياطين واتباع الهوى ، والتكذيب بالبعث وتحسر على حالهم { قَالَ النار مَثْوَاكُمْ } منزلكم { خالدين فِيهَا } حال والعامل معنى الاضافة كقوله تعالى { أَنَّ دَابِرَ هؤلاءآء مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ } [ الحجر : 66 ] ف { مُّصْبِحِينَ } حال من هؤلاء والعامل في الحال معنى الاضافة إذ معناه الممازجة والمضامّة والمثوى ليس بعامل لأن المكان لا يعمل في شيء { إِلاَّ مَا شَاءَ الله } أي يخلّدون في عذاب النار الأبد كله إلا ما شاء اللّه إلا الأوقات التي ينقلون فيها من عذاب السعير إلى عذاب الزمهرير { إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ } فيما يفعل بأوليائه وأعدائه { عَلِيمٌ } بأعمالهم فيجزي كلاً على وفق عمله