الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَٱصۡبِرۡ نَفۡسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ رَبَّهُم بِٱلۡغَدَوٰةِ وَٱلۡعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجۡهَهُۥۖ وَلَا تَعۡدُ عَيۡنَاكَ عَنۡهُمۡ تُرِيدُ زِينَةَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَلَا تُطِعۡ مَنۡ أَغۡفَلۡنَا قَلۡبَهُۥ عَن ذِكۡرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ وَكَانَ أَمۡرُهُۥ فُرُطٗا} (28)

ثم قال : { واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة {[42609]} والعشي } [ 28 ] .

والمعنى أن الله يقول لنبيه عليه السلام : احبس نفسك يا محمد في أعمال الطاعت { مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي } [ 28 ] بالذكر والحمد والتضرع يريدون بذلك وجه الله {[42610]} .

{ ولا تعد عيناك عنهم } [ 28 ] .

أي : لا تصرفهما عنهم إلى غيرهم من الكفار . وقال : ابن المسيب : هم أهل الصلاة المكتوبة ، ومثله عن مجاهد {[42611]} .

وروي أن ذلك نزل في الذين [ كان ] {[42612]} النبي صلى الله عليه وسلم يقرئهم {[42613]} القرآن أمر أن يصبر نفسه ليقرئهم {[42614]} .

وروي أنه {[42615]}أمر للنبي عليه السلام أمر أن يقرئ الناس القرآن .

[ و {[42616]} ] هذه الآية نزلت في جماعة من عظماء المشركين أتوا النبي عليه السلام وقالوا له : باعد عنك هؤلاء الذين رائحتهم رائحة الظأن وهم موال وليسوا بأشراف ، لنجالسك {[42617]} ونفهم عنك ، يعنون بذلك خبابا وصهيبا وعمارا وبلالا ومن أشبههم فأمر[ ه ] {[42618]} الله [ عز وجل ] {[42619]} [ ألا ] {[42620]} يفعل {[42621]} ذلك وأن يقبل عليهم ولا يلتفت إلى غير[ هم {[42622]} ] من المشركين {[42623]} .

فهو/قوله { ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه } [ 28 ] يعني المشركين الذين أمروه أن يبعد عنهم هؤلاء المؤمنين {[42624]} .

وقيل : عني بذلك عيينة بن حصن {[42625]} والأقرع بن حابس {[42626]} . ولما نزل {[42627]} ذلك على النبي عليه السلام وهو في بيته التمسهم فوجد قوما يذكرون الله [ عز وجل ] {[42628]} ثائري الرؤوس والجلود وفي ثوب واحد فلما رآهم قال : " الحمد لله الذي جعل من أمتي من أمرني أن أصبر نفسي معهم " {[42629]} .

وفي ذلك نزل { ولا تطرد الذين يدعون ربهم الغداة والعشي يريدون وجهه } {[42630]} . وذلك أن النبي عليه السلام هم بابعادهم طمعا أن يؤمن به {[42631]} عظماء قريش فنهاه الله [ عز وجل ] {[42632]} عن ذلك .

وقيل [ معنى ] {[42633]} { يدعون ربهم بالغداة والعشي } [ 28 ] : يعني صلاة الصبح والصلاة بالعشي {[42634]} . وقيل : هم الذين يقرءون القرآن {[42635]} .

ثم قال : تعالى : { تريد زينة الحياة الدنيا } [ 28 ] .

فمعنى تريد زينة الحياة الدنيا أي تريد مجالسة الأشراف ذوي الأموال ، وهم كفار ، وتترك مجالس المؤمنين الفقراء {[42636]} . وروي أنهم كانوا لا يلبسون الأثياب الصوب من الفقر {[42637]} .

وقال : مجاهد : { وكان أمره فرطا } [ 28 ] أي ضائعا {[42638]} ، وعنه ضياعا {[42639]} . وقيل معناه : ندامة {[42640]} . وقيل هلاكا {[42641]} . وقال : ابن زيد معناه : مخالفة للحق {[42642]} . وهو من قولهم أفرط فلان في كذا ، إذا أسرف فيه وجاوز قدره فيكون معناه وكان أمره سرفا في كفره وافتخاره وتكبره {[42643]} .


[42609]:ق: الغدات.
[42610]:ط: وجهه.
[42611]:وهو قول ابن عباس وإبراهيم والحسن والضحاك وابن عمرو وعبد الرحمن بن أبي عميرة أيضا، انظر جامع البيان 7/203.
[42612]:ساقط من ق.
[42613]:ق: يقرؤهم.
[42614]:روي نحو هذا عن أبي جعفر، انظر جامع البيان 7/205.
[42615]:ط: أنها.
[42616]:ساقط من ق.
[42617]:ق: "النجالسك".
[42618]:ساقط من ق.
[42619]:ساقط من ق.
[42620]:ساقط من ط.
[42621]:ط: ففعل.
[42622]:ساقط من ق.
[42623]:وهذا قول جماعة من المفسرين روي عن ابن زيد وابن جريج وسلمان وخباب وقتادة وعكرمة ومجاهد، انظر جامع البيان 7/201 و15/234، ومعاني الزجاج 3/281، وأسباب النزول 224 ولباب النقول 100 و101.
[42624]:وهو قول ابن جرير، انظر جامع البيان 15/136.
[42625]:ط: "بن حصين".
[42626]:وهو الأقرع بن حابس بن عقال المجاشعي الدارمي، التميمي، صحابي من سادات العرب في الجاهلية، شهد حنينا وفتح مكة. وكان من المؤلفة قلوبهم واستشهد بالجوزجان سنة 31 هـ انظر ترجمته في الأعلام 2/5. وأن الآية نزلت فيهما هو قول خباب، انظر جامع البيان 15/236، وأسباب النزول 224 والجامع 10/254 وفيه أنه قول سلمان.
[42627]:ق: "نزلت".
[42628]:ساقط من ق.
[42629]:الحديث أخرجه أبو داود في السنن كتاب العلم رقم 3666 عن أبي سعيد الخدري، وانظره أيضا في جامع البيان 15/235 والجامع 10/254، والدر 5/381.
[42630]:الأنعام آية 52، وانظر لباب النقول 100 و101.
[42631]:ط: له.
[42632]:ساقط من ق.
[42633]:ساقط من ق.
[42634]:وهو قول مجاهد وقتادة، انظر جامع البيان 7/203 والدر 5/382.
[42635]:وهو قول عبيد الله بن عبد الله بن عدي بن الخيار، انظر الدر 5/382.
[42636]:وهو قول خباب انظر جامع البيان 15/235.
[42637]:انظر قول سلمان، في جامع البيان 15/236.
[42638]:انظر قوله في جامع البيان 15/236.
[42639]:انظر قوله في تفسير مجاهد 447، وجامع البيان 15/236 والدر5/384.
[42640]:وهو قول داود، انظر جامع البيان 15/236.
[42641]:وهو قول خباب، انظر جامع البيان 15/237.
[42642]:انظر قوله في جامع البيان 15/237.
[42643]:وهذا قول ابن جرير، انظر جامع البيان 15/237.