ثم قال : { قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد } [ 105 ] .
أي : قل لهؤلاء المشركين ، إنما أنا إنسان مثلكم من بني آدم ، لا علم لي إلا ما علمني الله ، يوحي إلي إنما معبودكم معبود واحد لا ثاني له{[43750]} .
قوله : { فمن كان يرجو لقاء ربه } [ 105 ] .
أي : يخاف لقاء ربه يوم القيامة ويخاف عقابه{[43751]} { فليعمل عملا صالحا }{[43752]} فليخلص العبادة لله ويعمل بطاعته ، قال : ابن جبير : { يرجو لقاء ربه } [ 105 ] أي لقاء ثواب ربه{[43753]} .
فعلى قول ابن جبير يرجو بمعنى ينظر ويطمع ويوقن وعلى القول الأول يرجو بمعنى يخاف كقوله : { ما لكم لا ترجون لله وقارا }{[43754]} . أي لا تخافون لله عظمة كقوله { قال الذين لا يرجون لقاءنا{[43755]} } أي لا يخافون . ويحتمل أن يكون { لا يرجون } لا ينتظرون ولا يوقنون بلقائنا . وقد فسر أكثر الناس ترجو بمعنى تطمع .
وقال : مقاتل في قوله : { فمن كان يرجوا لقاء ربه } [ 105 ] أي يخشى لقاء ربه ، ويخشى بمعنى يخاف ، وقال : الفراء وغيره من الكوفيين لا يكون الرجاء بمعنى الخوف إلا مع الجحد . كقولك ما رجوت ولم أرج ولا أرجو{[43756]} .
وقال : ابن المبارك{[43757]} : { يرجوا لقاء ربه } هو النظر إلى الله جل ذكره . فالرجاء في هذا بمعنى الطمع ، وذكر الزجاج وغيره الرجاء بمعنى الخوف ، فلا جحد معه .
وأصل الرجاء وبابه أن يأتي بمعنى الطمع الذي يقرب من اليقين ، يقع بمعنى الخوف على ما ذكرنا من الاختلاف والمعنيان متداخلان لأن من أيقن وطمع بلقاء ربه وثوابه خاف عقابه . ولا يخاف عقاب ربه إلا من طمع وأيقن بلقاء ثواب ربه . وكل واحد من المعنيين{[43758]} مرتبط بالآخر على ما ترى .
ثم قال : { ولا يشرك بعبادة ربه أحدا } [ 105 ] .
أيك لا يعبد معه غيره/ . وقيل : لا يرائي بعمله الذي يعمله لله أحدا . وسأل رجل عبادة بن الصامت رحمه الله وقال : أرأيت رجلا يصلي يبتغي وجه الله ويحب أن يحمد ؟ ويتصدق ويبتغي وجه الله ، ويحب أن يحمد ؟ ويحج ويبتغي وجه الله ، ويحب أن يحمد ؟ فقال : عبادة : ليس له شيء . إن الله عز وجل يقول أنا خير شريك . فمن كان له معي شريك فهو له كله لا حاجة لي فيه{[43759]} .
وروى طاوس أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا نبي الله إني أحب الجهاد في سبيل الله وأحب أن يرى موطني ويرى{[43760]} مكاني . فأنزل الله عز وجل : { فمن كان يرجوا لقاء ربه } [ 105 ] الآية{[43761]} ، وقال : سفيان{[43762]} رضي الله عنه : الشرك هنا الرياء{[43763]} .
وقال : معاوية بن أبي سفيان على المنبر وقد قرأ هذه الآية : إنها آخر آية نزلت من القرآن{[43764]} ، يعني والله أعلم بمكة لأن السورة مكية .
وقال : الحسن رحمه الله : نزلت هذه الآية في المؤمنين ، والشرك الرياء{[43765]} .
وقال : ابن عباس : هي في المشركين . أي لا يعبد مع الله أحدا{[43766]} .
والرياء إنما يكون في التطوع فأما في الفرائض فقد استوى الناس فيها فليس فيها رياء . وقال : بكر القاضي : سمعت سهل بن عبد الله الزاهد{[43767]} يقول : الرياء في أهل القدر ، لأنهم يعتقدون أن أعمالهم من أنفسهم واستطاعتهم . فأما أهل السنة فيعتقدون في أعمال البر كلها أنها من فضل الله عليهم ولولا ذلك ما قدروا عليها . فليس يكون الرياء فيهم إلا خاطرا لا يبطل بما يعتقدوه . فلا رياء يصح عليهم إن شاء الله . وصلى الله على محمد نبيه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذرياته وسلم تسليما .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.