وقوله : { وقري عينا } هو من قررت بالمكان عند الشيباني{[44143]} ، أي : قري{[44144]} عينا . وقيل : هو من قررت به عيناه مشتق من القر أي : بردت عينا ، فلم تسخ{[44145]} بخروج الدمع . ولغة قريش قررت به عينا أقر وقررت بالمكان أقر .
وأهل نجد يقولون : قررت به عينا أقر{[44146]} .
ثم قال تعالى : { فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا }[ 25 ] .
أي : ( قال لها عيسى صلى الله عليه وسلم بعد قوله [ لهأي{[44147]} أنا أكفيك الكلام ، فإما ترين . . . الآية . والظاهر أن يكون هذا الأمر من الله جل ذكره لها ، والله أعلم بذلك .
فالمعنى : إن رأيت من بني آدم أحدا يسألك . فقولي : إني نذرت للرحمن صوما . أي : أوجبت على نفسي للرحمن{[44148]} صوما . أي : صمتا . قاله ابن عباس والضحاك{[44149]} .
وقال قتادة : صامت{[44150]} من الطعام والشراب والكلام{[44151]} .
وقال ابن زيد : كان في بني إسرائيل من إذا اجتهد صام من الكلام كما يصوم ن الطعام إلا من ذكر الله عز وجل فقال لها ذلك{[44152]} .
وأصل الصوم . الإمساك ، وإنما أمرها بالصوم عن الكلام لأنه خاف عليها ألا تكون لها حجة فيما جاءت به ، فأمرها بالكف عن الكلام ليكفيها ولدها الحجة عنها .
ولا يحل لأحد أن ينذر ترك الكلام يوما . وإنما جعل الله ذلك آية لمريم خاصة{[44153]} .
وقد قيل{[44154]} : بل{[44155]} كانت ذلك اليوم صائمة عن الطعام والشراب ، فأذن لها ألا تكلم الناس ذلك اليوم{[44156]} .
روى{[44157]} يزيد الرقاشي{[44158]} أن أنس بن مالك{[44159]} قال : إذ ولد عيسى{[44160]} أصبح كل صنم يعبد من دون الله خارا على وجهه ، وأقبلت الشياطين إلى إبليس تضرب وجوهها{[44161]} لما حدث .
ومعنى ( فَقُولي ) أي : أشيري إليهم بذلك ، لأنها لو كلمتهم بذلك{[44162]} لتناقض ما عقدت على نفسها من الصمت . وهذا يدل على أن القول قد يكون غير كلام ، وهو كثير في كلام العرب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.