الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{ثُمَّ نُنَجِّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّنَذَرُ ٱلظَّـٰلِمِينَ فِيهَا جِثِيّٗا} (72)

وقرأ العامَّةُ { ثُمَّ نُنَجِّيْ } بضمِّ " ثمَّ " على أنَّها العاطفةُ وقرأ عليٌّ بن أبي طالب وابن مسعود وابن عباسٍ وأُبيُّ والجحدريُّ ويعقوبُ " ثَمَّ " بفتحها على أنها الظرفيةُ ، ويكون منصوباً بما بعده ، أي : هناك نُنَجِّي الذين اتَّقَوا .

وقرأ الجمهور " نُنَجِّيْ " بضم النونِ الأولى وفتحِ الثانية وتشديدِ الجيم ، مِنْ " نجَّى " مضعفاً . وقرأ الكسائي والأعمش وابن محيصن " نُنْجِي " مِنْ أَنْجى . والفعلُ على هاتين مضارعٌ .

وقرأَتْ فِرقةٌ " نُجِّيْ " بنونٍ واحدةٍ مضمومةٍ وجيمٍ مشددة . وهو على هذه القراءةِ ماضٍ مبني للمفعول ، وكان مِنْ حق قارئها أن يفتحَ الياءَ ، ولكنه سكَّنه تخفيفاً . وتحتمل هذه القراءةُ توجيهاً آخرَ سيأتي في قراءة متواترةٍ آخرَ سورةِ الأنبياء . وقرأ عليُّ بن أبي طالب أيضاً " نُنَجِّي " بحاءٍ مهملة ، من التَّنْحِيَة .

ومفعول " اتَّقوا " إمَّا محذوفٌ مرادٌ للعلمِ به ، أي : اتَّقُوا الشركَ والظلمَ .

قوله : جِثِيَّا " إمَّا مفعولٌ ثانٍ إنْ كان " نَذَرُ " يتعدَّى لاثنين بمعنى نترك ونُصَيِّر ، وإمَّا حالٌ إنْ جَعَلْتَ " نَذَرُ " بمعنى نُخَلِّيْهم . و " جِثِيَّاً " على ما تقدَّم .

و " فيها " يجوزُ أَنْ يتعلَّقَ ب " نَذَرُ " ، وأَنْ يتعلَّقَ ب " جِثِيَّاً " إنْ كان حالاً ، ولا يجوزُ ذلك فيه إنْ كان مصدراً . ويجوز أن يتعلَّقَ بمحذوفٍ على أنه حالٌ مِنْ " جِثِيَّاً " لأنه في الأصلِ صفةٌ لنكرةٍ قُدِّم عليها فَنُصِبَ حالاً .