قوله : ( الشَّهْرُ الحَرَامُ بِالشَّهْرِ ) [ 193 ] .
هو ذو القعدة وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم صده( {[6215]} ) المشركون عام الحديبية في ذي القعدة وهو محرم بعمرة ، وذلك في سنة ستن هجرته( {[6216]} ) ، فرجع الحديبية ونحر ( ثَم ) هديه وحلقوا وقصروا ثَم ، وصالحهم في تلك السنة على أن يعود من العام المقبل ، وهو سنة سبع من هجرته . فخرج النبي معتمراً في العام المقبل ، وأخلى له المشركون مكة ، فأتم عمرته ، وأقام ثلاثة أيام ، فقال الله له وللمسلمين : هذا الشهر الحرام الذي قضيتم فيه عمرتكم عِوَضٌ عن ذلك الشهر( {[6217]} ) الذي صدكم فيه المشركون( {[6218]} ) .
( وَالحُرُمَاتُ قِصَاصٌ ) [ 193 ] : بعضها قصاص( {[6219]} ) لبعض ؛ شهر حرام بشهر حرام .
وإنما جمع في قوله : ( وَالحُرُمَاتُ ) وليس ثم الأشهر بدل من شهر لأنه أراد الشهر الحرام ، والبلد الحرام ، وحرمة الحرم ، فصارت حرمات/ قضاء الوقوف بها/ في عام سبع عوض من حرمات ، صدوا عنها في عام ست( {[6220]} ) .
وقال ابن عباس : " معناه : أن الله أطلق للمسلمين أن( {[6221]} ) يقتصوا ممن اعتدى عليهم " ( {[6222]} ) .
فتقديره : والحرمات منكم –إذا تعدي عليكم فيها- قصاص .
وكان( {[6223]} ) الإنسان حراماً ضربُه وشتمه وجَرحُه وغير ذلك ، فأبيح لهم القصاص .
قال : ثُمَّ نسخ ذلك ، وصير( {[6224]} ) الحكم إلى السلطان ، فليس لأحد أن يقتص( {[6225]} ) دون أن يرفع إلى السلطان " ( {[6226]} ) .
قوله : ( فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ ) الآية [ 193 ] .
قال ابن عباس : " أمروا/في/أول الإسلام أن ينتقموا ممن آذاهم مثل ما صنع بهم ، ثم نسخ ذلك ، فرد الأمر إلى السلطان " ( {[6227]} ) .
وقال أكثر أهل التفسير : " الآية في القتال : أي : فمن قاتلكم في الشهر الحرام فقاتلوه بدلالة ما قبله من الأمر بالقتال ، والنهي عنه في المسجد الحرام ، وهو نظير قوله : ( وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ ) . والآية منسوخة بالأمر بالقتال في الحرم وإن لم يبدأوا ، بقوله : ( فَاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ ) ، وبقوله : ( وَقَاتِلُوا المُشْرِكِينَ كَافَّةً )( {[6228]} ) .
وبهذه( {[6229]} ) الآية ونظيرها أجاز الشافعي( {[6230]} ) أن يأخذ الرجل من مال من خانه بقدر ما خانه من غير رأيه . وقاله أصحاب الرأي( {[6231]} ) . ولم يجزه مالك( {[6232]} ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.