قوله : ( وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ لِلهِ ) [ 195 ] .
أي : أتموا الحج إلى أقصى مناسكه ، والعمرة إلى البيت ، وفي قراءة عبد الله : " وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ إِلَى البَيْتِ( {[6283]} ) لله عز وجل " ( {[6284]} ) .
وقرأ الشعبي : " والعُمْرَةُ لله " بالرفع( {[6285]} )/وكأنه تأول أن النصب يوجب فرض العمرة ، وليس كذلك عند أكثر العلماء ، وإنما معنى النصب هو الفرض بإتمام ما قد دخل فيه الرجل . فالعمرة ليست بفرض ، وإتمامها إذا دخل فيها الداخل فرض( {[6286]} ) .
فالقراءة بالرفع تخرج وجوب إتمام العمرة عند الدخول فيها أن يكون فرضاً بالآية( {[6287]} ) .
ومعنى النصب : " أتموا الفرض والتطوع . والفرض قد بُيِن بقوله : ( وَلِله عَلى النَّاسِ حَجُّ البَيْتِ )( {[6288]} )( {[6289]} ) .
قال ابن عباس : " مَن أحرم بحج أو عمرة فليس له أن يحل حتى يتمهما( {[6290]} ) " ( {[6291]} ) .
وقال مجاهد : " إتمامهما( {[6292]} ) أن يقضي مناسكهما " ( {[6293]} ) .
وقال علي بن أبي طالب( {[6294]} ) : إتمامهما( {[6295]} ) أن تحرم( {[6296]} ) من دويرة أهلك " ( {[6297]} ) .
ويرد هذا فعل النبي [ عليه السلام ]( {[6298]} ) إذ لم يحرم إلا من الميثاق .
وقال طاوس : " إتمامهما( {[6299]} ) أن تفرد/ولا تقرن " ( {[6300]} ) .
وقال قتادة : " إتمام العمرة/أن يحرم بها في غير أشهر الحج " ( {[6301]} ) .
وإتمام الحج : أن تأتي( {[6302]} ) بمناسكه حتى لا يلزمك دم القِران( {[6303]} ) ولا متعة لأن من أحرم من غيرها بعمرة في أشهر الحج ، ثم حج عامه فهو متمتع وعليه دم .
وقال سفيان : " إتمامهما أن تخرج من بيتك لا تريد غيرهما ، وتهل من الميقات . ليس أن تخرج لتجارة أو لحاجة( {[6304]} )/ حتى إذا صرت قريباً من مكة قلت : لو حججت أو اعتمرت " ( {[6305]} ) .
وروي عن عثمان أنه قال : " إتمامهما ترك الفسخ وأن تكون النفقة حلالاً " ( {[6306]} ) . وليست/العمرة بواجبة عند مالك( {[6307]} ) وأبي حنيفة( {[6308]} ) ، وهي واجبة عند الشافعي( {[6309]} ) .
وقال عطاء وطاوس ومجاهد : " العمرة فرض كالحج " . وهو قول ابن جبير وعلي بن الحسين( {[6310]} ) . وروي ذلك عن ابن عباس وعن ابن عمر( {[6311]} ) .
وروى جابر أن النبي [ صلى الله عليه وسلم ]( {[6312]} ) سئل عن العمرة : أواجبة هي ؟ فقال : " لا ، وأنْ تَعْتَمِرَ خَيْرٌ لَك " ( {[6313]} ) .
وعنه أنه قال : " الحجُّ جِهادٌ ، وَالعُمْرَةُ تَطَوُّعٌ " ( {[6314]} ) .
وهو قول نافع ، والقاسم بن محمد( {[6315]} ) .
وقال ابن مسعود : " الحج فريضة ، والعمرة تطوع " ( {[6316]} ) .
وليس في هذا دليل على فرض الحج ، ولا العمرة إنما( {[6317]} ) افترض في قوله( {[6318]} ) : ( وَلِلهِ عَلَى النَّاسِ حَجُّ البَيْتِ )( {[6319]} ) . إنما في هذه الآية فرض إتمام ما دخل فيه من حج أو عمرة( {[6320]} ) . وهو داخل تحت قوله تعالى : ( يَأَيُّهَا الذِينَ ءَامَنُوا أَوْفُوا بِالعُقُودِ )( {[6321]} )( {[6322]} ) . فمن عقد عقداً من حج أو عمرة أو غير ذلك من الطاعات فعليه إتمامه فرضاً من الله بآية العقود( {[6323]} ) .
فبان( {[6324]} ) من هذا أن العمرة غير فرض إذ لم تأت بذلك آية( {[6325]} ) ، كما أتت في الحج .
ومعنى " اعتمر " : قصد ، كأنه افتعل من " عَمَرَ " . والحج القصد( {[6326]} ) .
والإحصار عند مجاهد هو الحبس بمرض( {[6327]} ) . وهو عند عطاء الحبس من كل شيء مرض أو خوف أو غيره( {[6328]} ) .
وقال ابن عباس : " هو منع العدو لا غير " ( {[6329]} ) .
وإنما أنزل الله الآية في إحصار العدو لرسول الله [ عليه السلام ]( {[6330]} ) ومنعهم( {[6331]} ) إياه أن يتم( {[6332]} ) عمرته حين رجع ، و[ أحل في موضعه وعاد ]( {[6333]} ) في العام القابل( {[6334]} ) .
وأكثر الناس على أن العلل العارضة المانعة من الحج غير داخلة في الإحصار ، وحكمها حكم من فاته الحج ، وليس حكم من منعه العدو حكم من فاته الحج .
قوله : ( فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ ) [ 195 ] .
" هو شاة " قال ذلك علي وابن عباس( {[6335]} ) .
وقال قتادة : " أعلاه بدنة ، وأوسطه( {[6336]} ) بقرة " ( {[6337]} ) .
وقال ابن( {[6338]} ) عمر : " هو البقرة دون البقرة في السن ، والبعير دون البعير " ( {[6339]} ) . وهو قول ابن الزبير( {[6340]} ) وعائشة( {[6341]} ) .
فمعنى ذلك أن من حبسه شيء عن( {[6342]} ) إتمام حجه أو عمرته ، فعليه إذا أراد أن يحل شاة/أو بقرة أو بعير على ما ذكرنا من الاختلاف .
ومذهب مالك أن الشاة تجزي( {[6343]} ) . ولا هدي عند مالك على من أحصر بعدو ، ولا قضاء لحجه( {[6344]} ) ولا لعمرته إلا أن يكون يكون ضرورة فعليه الحج( {[6345]} ) . فإن كان الإحصار بمرض ونحوه فلا يحله إلا البيت ، وعليه الهدي( {[6346]} ) ، إذا فاته الحج ويفسخ حجه في عمرة ، وعليه حج قابل يكون معه الهدي الذي لزمه لفوات الحج( {[6347]} ) .
قوله : ( وَلاَ تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ ) [ 195 ] .
أي من أراد أن يحل ، فلا [ يحلق رأسه حتى يبلغ الهدي ]( {[6348]} ) محله لأن حلقه إحلال .
وبلوغ الهدي محله هو نحره أو ذبحه في أي موضع كان ، إذا أحصر بخوف أو عدو ، لأن النبي [ عليه السلام ]( {[6349]} ) حل بالحديبية( {[6350]} ) ونحر بها حين صد( {[6351]} ) ، وحلقوا رؤوسهم( {[6352]} ) . والحديبية ليست من الحرم . فالنحر( {[6353]} ) مقدم على( {[6354]} ) حلق الرأس بهذه الآية .
قوله : ( فَإِنُ اُحْصِرْتُمْ ) أي بمرض أو نحوه( {[6355]} ) ، فمحله بعد الطواف بالبيت ، والسعي بين الصفا/والمروة . وليس على من أحصر بعدو أو خوف قضاء ولا هدي ، ويحل في موضعه( {[6356]} ) ، [ وينحر في موضعه من حل ]( {[6357]} ) أو حرم إذا فاته الحج بحصر العدو بخلاف حصر المرض ونحوه الذي يلزم/ فيه القضاء ولا يحله إلا البيت ، ويلزمه( {[6358]} ) الهدي( {[6359]} ) عند قضاء ما فاته من حج أو عمرة ؛ هذا مذهب مالك( {[6360]} ) . إنما القضاء على( {[6361]} ) من فاته الحج من غير( {[6362]} ) إحصار عدو بمرض( {[6363]} ) أو فوات . فإن كان الذي أحصر لم يحج فعليه الحج لازم ، وإن كان الذي أحصر بمرض لا يقدر على الوصول ، ويخاف على الهدي أن يعطب ، أرسله يُنحر بمكة ، ويبقى هو على إحرامه حتى يطوف ويسعى وإن أقام سنين( {[6364]} ) .
قوله : ( اَوْ بِهِ أَذىً مِّن رَّأْسِهِ ) [ 195 ] . أي شقيقة أو وجع أو كثرة قمل .
وهذه الآية نزلت في كعب بن عَجُرَة( {[6365]} ) إذ شكا إلى النبي [ عليه السلام ]( {[6366]} ) كثرة قمله وذلك عام الحديبية ، فأمره النبي [ صلى الله عليه وسلم ]( {[6367]} ) بحلقه ، وأمره بالهدي ، فقال : لا أجد ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم( {[6368]} ) : " صُمْ ثلاثَةَ أيامٍ أوْ [ أطْعِمْ ستَّةَ مَسَاكِينَ ]( {[6369]} ) . لكل مِسْكِينٍ نِصْفُ صاعٍ " ( {[6370]} ) ، ففي ذلك نزلت الآية( {[6371]} ) .
وقال الحسن : " عليه صوم عشرة أيام ، أو إطعام عشرة مساكين " ( {[6372]} ) . وقاله( {[6373]} ) عكرمة قياساً على المتمتع( {[6374]} ) .
قوله : ( فَمَن تَمَتَّعَ بِالعُمْرَةِ إِلَى الحَجِّ ) [ 195 ] .
ومعنى التمتع عند الفقهاء المدنيين( {[6375]} ) والكوفيين أن يعتمر الرجل الذي ليس من أهل مكة ، ويحل من عمرته في أشهر الحج ثُمَّ يحج من عامه ولم يرجع إلى أُفقه ، أو أُفق مثل أفقه/بين الحج والعمرة . فمن حصل له ذلك فهو متمتع ، وعليه شاة . وقيل : بقرة ، وقيل : /بدنة( {[6376]} ) .
فإن لم يجد صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى بلده ، وهو معنى قوله : ( ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنَ اَهْلُهُ حَاضِرِي المَسْجِدِ الحَرَامِ ) أي هذا الحكم يجب على( {[6377]} ) الغرباء إذا حلوا من عمرتهم في أشهر الحج( {[6378]} ) ثم حجوا من عامهم . يعني من ليس بقاطن من الغرباء بمكة/يلزمه( {[6379]} ) ذلك ، خاصة على ما فسرنا( {[6380]} ) .
قال ابن عباس : " الثلاثة الأيام ما بين إحرامه إلى عرفة " ( {[6381]} ) .
وعن ابن عمر : " هن [ يوم قبل ]( {[6382]} ) التروية ، ويوم التروية( {[6383]} ) ويوم عرفة " ( {[6384]} ) . وروي ذلك عن علي( {[6385]} ) .
وروي عن علي( {[6386]} ) أنه قال : " آخرها انقضاء أيام( {[6387]} ) منى " ( {[6388]} ) .
وقالت عائشة رضي الله عنها : " يصوم أيام منى " ( {[6389]} ) .
وقال مالك : " يصوم ثلاثة أيام قبل النحر ، فإن لم يصم صام أيام التشريق و[ هي ثلاثة أيام ]( {[6390]} ) بعد يوم النحر ، فإن لم يصبها صام بعد( {[6391]} ) ذلك( {[6392]} ) " .
ولا اختلاف بين الفقهاء أن( {[6393]} ) يوم النحر ويوم الفطر لا يجوز صومهما لأحد( {[6394]} ) .
وقال ابن عباس : " إذا فاته الصوم في العشر ، فعليه دم " . وهو قول سعيد بن جبير . وهو قول أصحاب الرأي .
وقال ابن عباس : " صيامه( {[6395]} ) الثلاثة الأيام ما بين إحرامه إلى يوم عرفة وليس له صوم( {[6396]} ) ، قبل إحرامه( {[6397]} ) .
وقال مالك : " يصومهن إذا أهلّ متى ما أهل " ( {[6398]} ) .
وقال مجاهد وطاوس : " له صومهن في أشهر الحج متى صام ، وإذا دخل في الصوم ثُم وجد هدياً ، وتمادى على الصوم أجزأ " ( {[6399]} ) .
واستحب مالك أن يهدي إذا وجد قبل( {[6400]} ) أن يتم قبل الصوم ، إن كان صام يوماً أو يومين . فإذا صام أكثر من ذلك استحب أن يهدي . فإن لم يفعل فلا شيء عليه( {[6401]} ) .
وروي عنه إيجاب الهدي إذا وجده ، وقد صام يوماً أو يومين ، ويصوم السبعة( {[6402]} ) متى شاء ؛ إن شاء أخرها حتى يعود إلى مصره ، وإن شاء عجل صيامها( {[6403]} ) .
وقوله : ( تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ) [ 195 ] .
إنما قال تعالى : " عَشَرَةٌ " لِجواز أن يظن أن علية ثلاثة أو سبعة فبيّن إيجاب العددين بقوله : ( تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ )( {[6404]} ) .
وقال المبرد : " إنما قيل : ( تِلْكَ عَشَرَةٌ )/لأنه يجوز( {[6405]} ) أن يظن السامع أن ثم شيئاً آخر بعد السبعة ، فأزال اللبس " ( {[6406]} ) .
فأما قوله : ( كَامِلَةٌ ) ، فقال الحسن : " معناه : كاملة من الهدي " ( {[6407]} ) . أي قد كملت في المعنى الذي جعلت بدلاً منه .
وقيل : معناه الأمر ، كأن معناه : " تلك عشرة فأكملوا صومها ولا تقصروا فيها( {[6408]} ) .
وقيل : معنى : " كاملة " التوكيد ، كما تقول : " سمعته بأذني ، ورأيته بعيني " ، وكما قال : /( فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقٌفُ مِن فَوْقِهِمْ )( {[6409]} )( {[6410]} ) . وقيل : معناه : تلك عشرة وافية للهدي .
وقيل : إنه قد كان جائزاً أن يقول : " وعليكم عشرة من قابل ونحوها " فلما قال : ( كَامِلَةٌ ) ، علم أنه لا فرض بعد ذلك ، كما تقول في آخر الحساب : " فذلك كذا وكذا " لتدل على أنه لم يبق شيء .
وقيل : لما كانت العشرة/تتركب من عددين عَيَّنَ( {[6411]} ) الثلاثة والسبعة ، ولو صامها أحد على غير [ ثلاثة وسبعة ]( {[6412]} ) لم يكن بمكمل لما أراد الله عز وجل من الترتيب ، فقال : ( كَامِلَةٌ ) ، أي إذا صامها أحدهم على هذا الترتيب( {[6413]} ) كانت كاملة . وإن لم يفعل ، فليست بكاملة في الفرض ، وهي كاملة في العدد .
ف " كاملةٌ " ليس بتأكيد للعشرة ، و( {[6414]} )إنما هو تأكيد( {[6415]} ) للكيفية في صومها وترتيبها .
وقيل : لما كانت الواو قد تقع بمعنى " أو " ، فتكون مخيرة( {[6416]} ) في صيام سبعة أو ثلاثة . أتى ب( عَشْرَةٌ كَامِلَةٌ ) ليبين أن الواو ليست بمعنى " أو " ، وأن السبعة والثلاثة يلزم صيامها ، فبين ب " عشرة " ذلك ، وأزال( {[6417]} ) اللبس والاحتمال .
وهذا مبني على مذهب الكوفيين في إجازتهم لوقوع الواو بمعنى " أو " ، وليس هو مذهب البصريين ، لا تقع عندهم الواو بمعنى " أو " لاختلاف مَعْنيهما وحكميهما .
قوله : ( ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنَ اَهْلُهُ حَاضِرِي المَسْجِدِ الحَرَامِ ) [ 195 ] .
قيل : اللام بمعنى " على " أي ذلك الحكم على من لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ، كما قال : ( لَهُمُ اللَّعْنَةُ )( {[6418]} ) أي [ و ]( {[6419]} ) عليهم( {[6420]} ) . ومنه قول النبي [ عليه السلام لعائشة ]( {[6421]} ) : " اشْتَرِطِي لَهُمْ الوَلاءَ " ( {[6422]} ) أي عليهم .
وقيل( {[6423]} ) : اللام على بابها ، وأن المعنى : أن التمتع( {[6424]} ) لمن هو من غير أهل مكة ليس بقاطن بها ، لأنهم تمتعوا بأحد السفرين إذا اعتمروا وحجوا في سفر واحد وانتقال واحد في أشهر الحج( {[6425]} ) .
وقيل : يراد بذلك أهل الحرم كلهم ، لا متعة( {[6426]} ) عليهم( {[6427]} ) .
وقال مالك( {[6428]} ) : " هم أهل مكة وأهل ذي طوى لا متعة عليهم ، وليس أهل منى منهم ، بل يكونون( {[6429]} ) متمتعين كغيرهم من غير أهل مكة والحرم " ( {[6430]} ) .
وقيل : هم مَن منزلُه دون الميقات في حرم أو غيره . رواه ابن( {[6431]} ) جريج عن عطاء( {[6432]} ) .
وقال الزهري : " هو الذي بينه وبين مكة اليوم واليومان لا متعة عليه " ( {[6433]} ) . وكان الطبري يقول : " هو الذي ليس( {[6434]} ) بينه/وبين مكة ما تقصر فيه الصلاة " ( {[6435]} ) .
وقيل : التمتع لبس الثياب وأخذ الطيب فيما بين العمرة والحج . من فعله ، فعليه ما استيسر من الهدي ، وذلك إذا كانت عمرته في أشهر الحج ، فتمتع ؛ فلبس الثياب وأخذ الطيب ، ثم حجن عامه ، فهو متمتع إذا كان من غير أهل مكة . وهو خلاف قول أهل المدينة .
قوله : ( فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الحَجِّ ) [ 196 ] .
فرق أبو عمرو بين الجدال والرفث والفسوق( {[6436]} ) فجعل " لا " مع( {[6437]} ) الجدال للتبرئة ، وفتح وجعلها مع الرفث والفسوق( {[6438]} ) ، بمعنى " ليس " /فرفع/وذلك لأن الجدال أتى على غير معنى ما قبله ، لأن معنى الأول النفي الذي ليس بعام إذ قد يقع( {[6439]} ) فيه الرفث والفسوق من أهل الخطايا ، فجعلت " لا " بمعنى " ليس " ( {[6440]} ) .
ومعنى الثاني أنه نفي عام إذ قد استقرت معالم الحج وثبت فرضه واستقام أداؤه ، فلا جدال في إيجابه لأحد من الناس ، ففتحه على ذلك .
وقيل : المعنى : ولا جدال في كون الحج في ذي الحجة لأنهم كانوا يقدمون فيحجون فيغير أشهر الحج ويؤخرون( {[6441]} ) مثل ذلك( {[6442]} ) .
وروي عن ابن عباس أنه قال : " الجدال أن تماري( {[6443]} ) صاحبك " ( {[6444]} ) .
فهذا التفسير يوجب أن تجري الثلاثة مجرى واحداً .
ويجوز في الكلام النصب في الثاني والثالث والتنوين ، [ تعطفه على موضع لفظ لا ]( {[6445]} ) ، وما عملت فيه( {[6446]} ) . ويجوز فتح الأول ورفع الثاني والثالث والتنوين ؛ تعطفه على موضع " رفث " قبل دخول " لا " ( {[6447]} ) . وقرأ أبو جعفر يزيد( {[6448]} ) برفع الثلاثة والتنوين( {[6449]} ) ، أجراها مجرى واحداً .