الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَمَثَلُ ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمُ ٱبۡتِغَآءَ مَرۡضَاتِ ٱللَّهِ وَتَثۡبِيتٗا مِّنۡ أَنفُسِهِمۡ كَمَثَلِ جَنَّةِۭ بِرَبۡوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٞ فَـَٔاتَتۡ أُكُلَهَا ضِعۡفَيۡنِ فَإِن لَّمۡ يُصِبۡهَا وَابِلٞ فَطَلّٞۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٌ} (265)

قوله : ( وَمَثَلُ( {[8734]} ) الذِينَ يُنفِقُونَ [ أَمْوَالَهُمُ ]( {[8735]} ) ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ ) [ 264 ] .

ضرب الله الآية( {[8736]} ) الأولى مثلاً لأعمال الكافرين يوم القيامة ، وشبه صدقة أهل الرياء والكفر بالصفوان الذي عليه تراب فأصابه مطر شديد ، ثم ضرب هذه الآية مثلاً لأعمال المؤمنين وصدقاتهم . فمعنى قوله : ( وَتَثْبِيتاً( {[8737]} ) مِّنَ اَنفُسِهِمْ ) [ 264 ] ، أي يقيناً وثقة . قاله السدي وقتادة وأبو صالح( {[8738]} ) .

وقال مجاهد : " يثبتون : أين( {[8739]} ) يضعون أموالهم " ( {[8740]} ) .

قال الحسن : يعني زكاتهم " ( {[8741]} ) .

وروي عن قتادة : " ( وَتَثْبِيتاً ) : احتساباً من أنفسهم " ( {[8742]} ) .

وعن الحسن أنه قال : " يثبت إذا أراد أن ينفق ، فإن كان لله( {[8743]} ) أنفق وإلا( {[8744]} ) أمسك " ( {[8745]} ) .

قوله : ( كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرُبْوَةٍ اَصَابَهَا وَابِلٌ ) [ 264 ] .

شبه فعل هؤلاء في صدقاتهم بجنة بربوة ، وهي الترعة( {[8746]} ) أصابها وابل وهو المطر الشديد العظيم القطر( {[8747]} ) ، فإن أخطأها الوابل أصابها الطل وهو الندى .

وقال الضحاك : " هو الرذاذ من( {[8748]} ) المطر ، يعني( {[8749]} ) اللين منه( {[8750]} ) " .

والهاء في ( اَصَابَهَا ) تعود على الجنة أو على الربوة ، وكذلك الهاء في " يصبها " ( {[8751]} ) .

قوله : ( فَئَاتَتُ اُكْلَهَا ضِعْفَيْنِ ) [ 264 ] .

أي فهي لا تخلف ؛ لابد من إتيان الأكل . فكذلك( {[8752]} ) عمل المؤمن لا خلف لخيره .

وسميت الربوة ربوة لأنها ربت على وجه الأرض . / أي ارتفعت من : " ربا " إذا زاد( {[8753]} ) .

قال مجاهد : " الربوة المكان المستوي " ( {[8754]} ) . وكذلك قال الحسن( {[8755]} ) . وقال الضحاك : " الربوة المكان المرتفع الذي تجري فيه الأنهار " ( {[8756]} ) . وقال السدي : " ( بِرُبْوَةٍ ) : برابية من الأرض " ( {[8757]} ) يريد المنخفض .

وقال ابن عباس : " الربوة : المكان المرتفع( {[8758]} ) الذي لا تجري فيه الأنهار " ( {[8759]} )/ وتقدير الكلام عند المبرد : " فطل يكفيها " ( {[8760]} ) .

وعلى ذلك يستحسن الوقف على ( فَطَلٌّ )( {[8761]} ) . وقدَّره غيره . " فهو طل " أو " أصابها طل " ( {[8762]} ) .


[8734]:- سقط حرف الواو من ق.
[8735]:- سقط من ع1.
[8736]:- قوله: "وغيرهما. قوله...الآية" ساقط من ع2.
[8737]:- في ع2: تبيناً.
[8738]:- انظر: تفسير القرطبي: 3/314، وتفسير ابن كثير: 1/319، والدر المنثور: 2/46، وهو أيضاً اختيار ابن قتيبة في تفسير الغريب: 97.
[8739]:- في ق: يثيبون أي. وفي ع3: يثبتون أي.
[8740]:- انظر: المحرر الوجيز: 2/316، وتفسير القرطبي: 3/314.
[8741]:- انظر: جامع البيان: 5/532.
[8742]:- انظر: جامع البيان: 5/534، وتفسير القرطبي: 3/313.
[8743]:- في ق: الله. وهو تحريف.
[8744]:- في ع1: لا.
[8745]:- انظر: المحرر الوجيز: 2/316، وتفسير القرطبي: 3/314.
[8746]:- والترعة هي الروضة التي تكون على المكان المرتفع. انظر اللسان: 1/318.
[8747]:- في ق: القر.
[8748]:- في ع1: ممن.
[8749]:- سقط من ع3.
[8750]:- انظر: تفسير ابن كثير: 1/319.
[8751]:- في ق، ع3: يصيبها. وهو خطأ. وانظر هذا التوجيه في الإملاء: 1/113.
[8752]:- في ع3: فذلك.
[8753]:- انظر هذا التعليل في: مجاز القرآن: 1/82، ومعاني الأخفش: 1/184، وتفسير الغريب: 97، ومفردات الراغب: 191، واللسان: 1/1116.
[8754]:- انظر: جامع البيان: 5/536.
[8755]:- انظر: جامع البيان: 5/537.
[8756]:- انظر: جامع البيان: 5/537، وتفسير ابن كثير: 1/319.
[8757]:- انظر: جامع البيان: 5/537.
[8758]:- قوله: "بربوة برابية...المرتفع" ساقط من ق.
[8759]:- انظر: جامع البيان: 5/537، والمحرر: 2/317، وتفسير القرطبي: 3/315.
[8760]:- انظر: المحرر الوجيز: 2/319، وتفسير القرطبي: 3/317.
[8761]:- انظر: الإيضاح في الوقف: 1/557، والمكتفى: 190.
[8762]:- انظر: هذا التقدير في الإملاء: 1/113، ولفظ "طل" ساقط من ق.