ثم قال : { الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق }[ 38 ] .
تقديره : أذن للذين أخرجوا من ديارهم بغير حق .
فالذين : بدل من الذين الأولى ويجوز أن يكون في موضع رفع على إضمار مبتدأ . أو في موضع نصب على إضمار أعني .
وقوله : إلا أن يقولوا . ( إن ) : في موضع خفض بدل من حق . هذا قول : الفراء وأبي إسحاق{[46992]} .
وقال سيبويه : هي في موضع نصب استثناء{[46993]} ليس من الأول . فمعنى الآية : أذن للذين يقاتلون الذين أخرجوا من ديارهم . يعني من مكة ، أخرجهم كفار قريش بغير حق إلا بتوحيدهم الله ، وذلك أن كفار قريش كانوا يسبون المؤمنين ، ويعذبونهم ويوعدونهم حتى اضطروهم إلى الخروج عنهم .
ثم قال تعالى : { ولولا دفاع الله الناس بعضهم ببعض }[ 38 ] .
قال ابن جريج{[46994]} : معناه : ولولا دفاع الله المشركين بالمؤمنين .
وقال علي بن أبي طالب{[46995]} رضي الله عنه : إنما نزلت هذه الآية في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا ما يدفع الله بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم عن التابعين لهدمت صوامع وبيع .
وقال ابن زيد{[46996]} : المعنى : لولا الجهاد والقتال في سبيل الله .
وقال علي بن أبي طالب{[46997]} : نزلت الآية في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . فالمعنى : لولا دفاع الله المشركين بأصحاب رسول الله ، لهدمت صوامع وبيع .
وقيل : معناه : لولا أن الله يدفع أي يأخذ الحقوق والشهادات لمن أوجب قبول شهادته عمن لا يجوز قبول{[46998]} شهادته ، فتركوا المظالم من أجل ذلك ، لتظالم الناس ، فهدمت صوامع ، قاله : مجاهد{[46999]} .
وقال أبو الدرداء{[47000]} : معنى : لولا أن الله يدفع بمن في المساجد عمن ليس في المساجد ، وبمن يغزو عمن ليس يعزو . لأتاهم العذاب ولاختلفوا ، فهدمت صوامع .
قال مجاهد والضحاك{[47001]} : هي صوامع الرهبان يبنونها على الطريق{[47002]} .
وقال قتادة{[47003]} : هي صوامع الصابئين . وقال : البيع : بيع النصارى .
وقال مجاهد{[47004]} : البِيَع : كنائس اليهود .
وقال ابن زيد{[47005]} : البيع : الكنائس .
وقال ابن عباس{[47006]} : الصلوات : الكنائس ، يعني : ومواضع صلوات .
وقال الضحاك{[47007]} : هي كنائس اليهود ، يسمون الكنائس صلوات ، وقاله : قتادة .
وقال أبو العالية{[47008]} : الصَّلَوَاتُ : مساجد الصابئين .
وقال مجاهد{[47009]} : هي مساجد لأهل{[47010]} الكتاب ، ولأهل الإسلام على الطرق .
وقال ابن زيد{[47011]} : هي صلوات أهل الإسلام ، تنقطع إذا دخل العدو عليهم . يعني النوافر . قال : وتهدم المساجد كما صنع بختنصر .
وقوله : ( ومَسَاجِدُ ) قال قتادة{[47012]} : هي مساجد المسلمين .
وقوله : { يذكر فيها اسم الله }[ 40 ] .
يعني : في المساجد ، لأنها أقرب إلى الضمير من غيرها . وقيل الضمير في ( فيها ) يعود على جميع ما ذكره ومعناه : يذكر فيها اسم في وقت شرائعهم ، وإقامتهم للحق .
قال خصيف{[47013]} : أما الصوامع ، فصوامع الرهبان وأما ( البيع ) ، فكنائس النصارى ، وأما ( الصلوات ) فكنائس اليهود ، وأما ( المساجد ) فمساجد المسلمين .
ومعنى : ( وصلوات ) أي : مواضع صلوات ، قاله : {[47014]} أبو حاتم .
وقال الحسن{[47015]} : هدمها : تركها .
وقال الأخفش{[47016]} : التقدير : وتركت صلوات .
وقرأ عاصم الجحدري{[47017]} : ( وصُلُوب ) بالباء المعجمة ، واحدة من أسفل من غير ألف بعد الواو ، وضم اللام ، يريد به الصلبان ، كأنه اسم للجمع{[47018]} على فعول .
وقرأه جعفر بن محمد{[47019]} ، بإسكان اللام ، وبالتاء المعجمة باثنتين من فوق .
ويروى أن مساجد اليهود تسمى صلوات .
وعن مجاهد أنه قرأ{[47020]} : وَصِلْوِيتاً ، بالياء والتاء ، وبكسر الصاد والواو وإسكان اللام ، وقال : هي القباب على شاطئ الأنهار .
وقرأ الضحاك{[47021]} ، بضم اللام من غير ألف بعد الواو على وزن فعول وبالثاء المعجمة ، ثلاثة من فوق .
وروي : أن مساجد الصابئين تسمى صُلُوثاً ، وبذلك قرأ الكبي{[47022]} أعني بالثاء المعجمة ثلاثا من فوق .
ومعنى : ( لهدمت ) لضيعت وتركت .
ومن جعل الضمير في ( يذكر فيها ) يعود على المساجد خاصة ، وقف على صلوات ، وهو قول نافع{[47023]} .
ثم قال : { ولينصرون الله من ينصره } أي : وليعينن الله من يقاتل في سبيله{[47024]} فيجعل{[47025]} كلمته العليا ، كما أنه إنما يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا .
{ إن الله لقوي عزيز } أي : قوي على نصر من جاهد في سبيله ، ونصر دينه منيع لا يغلبه غالب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.