قوله تعالى ذكره : { أفلم يسيروا في الأرض }[ 44 ] إلى قوله : { والله عليم حكيم }[ 50 ] .
هذا تقرير وتوبيخ للكفار من قريش{[47064]} وغيرهم . ومعناه : أفلم يسر هؤلاء المكذبون{[47065]} بك يا محمد ، فينظروا إلى مصارع{[47066]} أشباههم من الأمم المكذبة للرسل قبلهم ، فيخافوا أن يحل عليهم مثل ذلك بتكذيبهم لك ، فيرجعوا عن التكذيب إلى الإقرار والتصديق لك ، ويفهموا ذلك بقلوبهم ، ويسمعوه بآذانهم .
وقوله : ( فتكون ) جواب النفي . وقيل : هو جواب الاستفهام والمعنى : قد ساروا في الأرض فلم تكن لهم قلوب يعقلون{[47067]} بها مصارع من كان قبلهم من الأمم الماضية ، يخاطب قريشا ، لأنهم كانوا يسافرون إلى الشام فيرون آثار الأمم الهالكة ، فهو في المعنى : خبر فيه تنبيه وتقرير إخبار عن أمر قد كان . كما قال : { ألم نشرح لك صدرك }{[47068]} . أي : قد شرحنا لك صدرك .
ونصب ( فتكون ) عند الكوفيين على الصرف ، إذ معنى الكلام الخبر ، فكأنهم صرفوه عن الجزم على العطف على{[47069]} يسيروا ، فلما صرف عن الجزم ، رد إلى آخر الجزم وهو النصب ، فهذا معنى الصرف عندهم .
ثم قال تعالى : { فإنها لا تعمى الأبصار }[ 44 ] .
أي : فإن القصة لا تعمى أبصارهم أن يبصروا بها الأشخاص ، ولكن تعمى قلوبهم التي في صدورهم عن إبصار الحق ومعرفته .
قال قتادة{[47070]} : البصر : الناظر بلغة ومنفعة والبصر النافع في القلب .
وقال مجاهد{[47071]} : ليس من أحد إلا له عينان في رأسه عينان في قلبه فأما اللتان في الرأس فظاهرتان يبصر بهما الظاهر ، وأما اللتان في القلب ، فباطنتان يبصر بهما{[47072]} الغيب ، وذلك قول الله عز وجل : { فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور } .
وقال ابن جبير{[47073]} : نزل في ابن أم مكتوم وكان أعمى { فإنها لا تعمى الأبصار } الآية . فالمعنى : لا تعمى الأبصار السالمة عن رؤية ما تعتبر به ، ولكن تعمى القلوب عن رؤية الدلالات على صحة ما تعانيه الأبصار .
وقوله : { في الصدور } توكيد ، لأنه قد علم أن القلب لا يكون إلا في الصدور ، ولكن/أكده به كما قال : { يقولون بأفواههم }{[47074]} وكما قال : { ولا طائر يطير بجناحيه }{[47075]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.