الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَقَالَتِ ٱلۡيَهُودُ وَٱلنَّصَٰرَىٰ نَحۡنُ أَبۡنَـٰٓؤُاْ ٱللَّهِ وَأَحِبَّـٰٓؤُهُۥۚ قُلۡ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُمۖ بَلۡ أَنتُم بَشَرٞ مِّمَّنۡ خَلَقَۚ يَغۡفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُۚ وَلِلَّهِ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَاۖ وَإِلَيۡهِ ٱلۡمَصِيرُ} (18)

/قوله : ( وَقَالَتِ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ ) الآية [ 20 ] .

معنى الآية أن قوماً من اليهود( {[15328]} ) والنصارى كلمهم النبي صلى الله عليه وسلم وخوّفهم ، فقالوا : ما تُخَوِفُنَا يا محمد ؟ نحن أبناء الله وأحباؤه( {[15329]} ) ، فقال الله لنبيه : ( قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم ( بِذُنُوبِكُمْ ) )( {[15330]} ) إن كنتم كما زعمتم ، وذلك أن اليهود قالت( {[15331]} ) : ( لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً( {[15332]} ) )( {[15333]} ) ، فأقروا بالعذاب وادعوا أنهم أبناء الله وأحباؤه( {[15334]} ) .

ثم قال : قل لهم يا محمد ( بَلَ اَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ ) أي : أنتم مثل سائر بني آدم ، لا فضل لكم عليهم إلا بالطاعة( {[15335]} ) .

( يَغْفِرُ لِمَنْ يَّشَاءُ ) أي : يستر ذنوبه ، وهم المؤمنون ، ( وَيُعَذِّبُ مَنْ يَّشَاءُ ) أي : يميته( {[15336]} ) على الضلالة فيعذبه( {[15337]} ) . وقال السدي في معنى ( يَغْفِرُ لِمَنْ يَّشَاءُ ) أي : يهدي من يشاء في الدنيا فيغفر له ، ( وَيُعَذِّبُ مَنْ يَّشَاءُ ) ( أي يميته على الضلالة )( {[15338]} ) فيعذبه( {[15339]} ) .

( وَ[ لِلهِ ]( {[15340]} ) مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالاَرْضِ ) أي : تدبيرها وتدبير ما بينهما ، وإليه مصيركم فيجازيكم بأعمالكم( {[15341]} ) .

وقوله ( فَلِمَ يُعَذِّبُكُم ) معناه : فلم عذّبكم بذنوبكم فمسخكم( {[15342]} ) قردة وخنازير ؟ وإنما احتج عليهم النبي صلى الله عليه وسلم بما قد كان وعلم ، ولم يحتجّ عليهم بما لم يقع بعد ، لأنهم ينكرون ذلك ويدّعون( {[15343]} ) أنهم لا يعذبون فيما يستقبلون ، فالماضي [ أولى ]( {[15344]} ) به وعليه المعنى( {[15345]} ) .


[15328]:- وهم –عن ابن عباس- نعمان بن الهاء وبحري بن عمرو وشأس بن عدي في تفسير الطبري 10/150.
[15329]:- "والعرب قد تخرج الخبر –إذا افتخرت- مُخرجَ الخبر عن الجماعة، وإن كان ما افتخرت به من فعل واحد منهم" تفسير الطبري 10/151.
[15330]:- ساقطة من ج.
[15331]:- ج: قالوا.
[15332]:- ب: معدودات.
[15333]:- البقرة: 79.
[15334]:- انظر: قول ابن عباس والسدي في تفسير الطبري 10/150 و151.
[15335]:- انظر: تفسير الطبري 10/152 و153.
[15336]:- ب: يبيته.
[15337]:- انظر: تفسير الطبري 10/153.
[15338]:- ب: يمينه على الضلالة يبينه على الضلالة. ج د: يميته على ضلالته.
[15339]:- انظر: تفسير الطبري 10/154.
[15340]:- أ: الله.
[15341]:- انظر: تفسير الطبري 10/154.
[15342]:- ب: بمسخكم.
[15343]:- ب ج د: يزعمون.
[15344]:- أ: أولا.
[15345]:- انظر: التفسير الكبير 11/192 و193، وتفسير البحر 3/451.