الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِۦ يَٰقَوۡمِ ٱذۡكُرُواْ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ إِذۡ جَعَلَ فِيكُمۡ أَنۢبِيَآءَ وَجَعَلَكُم مُّلُوكٗا وَءَاتَىٰكُم مَّا لَمۡ يُؤۡتِ أَحَدٗا مِّنَ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (20)

وقوله ( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمُ ) الآية [ 22 ] .

روي عن ابن كثير( {[15378]} ) أنه قرأ ( يَا قَوْمِ ) بالرفع على معنى : يا أيها القوم ، رواه شبل( {[15379]} ) بن عباد( {[15380]} ) عنه( {[15381]} ) .

وهذه الآية إعلام من الله جل ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم ، /( {[15382]} ) فقديم فسق اليهود وغيهم ، وإن موسى صلى الله عليه وسلم ذكرهم بنعم الله تعالى عليهم( {[15383]} ) ، إذ أرسل ( إليهم )( {[15384]} ) الأنبياء يأتونهم بالوحي ، وأنه حرضهم( {[15385]} ) على الجهاد ، وأن لا( {[15386]} ) يرتدوا على أدبارهم( {[15387]} ) في قتال الجبارين الذين أمرهم الله عز وجل بقتالهم( {[15388]} ) .

وقيل : الأنبياء –الذين جعلهم الله عز وجل فيهم- هم الذين اختارهم موسى للميقات( {[15389]} ) ، وهم السبعون الذين ذكرهم الله في " الأعراف " ( {[15390]} ) .

( وَجَعَلَكُم مُّلُوكاً )( {[15391]} ) أي : تُخْدَمُون ، ولم يكن في ذلك الوقت من بني آدم من يُخْدَم سِواهم( {[15392]} ) . قال قتادة : هم أول من سخر( {[15393]} ) له الخدم( {[15394]} ) .

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : من كان له بيت وخادم فهو ملك( {[15395]} ) .

وقيل : المعنى : جعلكم ذوي منازل لا يُدْخَلُ عليكم فيها إلا بإذن( {[15396]} ) .

وقيل : المعنى : ( جَعَلَكم تَملِكُون أمركم لا يغلبكم عليه غالب )( {[15397]} ) .

( وقال ابن وهب : سمعت مالكاً يذكر عن عبد ربه )( {[15398]} ) بن سعيد( {[15399]} ) أن معنى ( وَجَعَلَكُم مُّلُوكاً ) هو أن يكون للرجل المسكن( {[15400]} ) يأوي إليه والمرأة يتزوجها والخادم( {[15401]} ) تخدمه ، هو أحد الملوك( {[15402]} ) .

وقوله : ( وَءَاتَاكُم مَّا لَمْ يُوتِ أَحَداً مِّنَ العَالَمِينَ ) الذي آتاهم هو المن والسلوى والبحر والحجر والغمام( {[15403]} ) ، قاله مجاهد . وقيل : هو الدار والخادم والزوجة( {[15404]} ) .

ومعنى ( مِّنَ العَالَمِينَ ) من عالَمي زمانكم( {[15405]} ) . وقال ابن جبير : ( وَءَاتَاكُم مَّا لَمْ يُوتِ أَحَداً ) هذه( {[15406]} ) لأمة محمد صلى الله عليه وسلم( {[15407]} ) .


[15378]:- هو عبد الله بن كثير المكي التابعي، أحد القراء السبعة وإمام أهل مكة في القراءة. روى عن ابن عباس. توفي سنة 120هـ. انظر: غاية النهاية 1/443، وطبقات ابن خياط 282.
[15379]:- مخرومة في أ: ب: شنبل.
[15380]:- هو أبو داود شبل بن عباد المكي مقرئ مكة، ثقة ضابط، أجل أصحاب ابن كثير عرض على ابن محيصن وغيره. روى عنه إسماعيل القسط وآخرون. توفي حوالي 160هـ. انظر: غاية النهاية 1/323 و324.
[15381]:- انظر: إعراب النحاس 1/489.
[15382]:- جل أوائلها مخروم.
[15383]:- وهي أيادي الله وأيّامه وعافيته، "لأن الله لم يخصص من النعم شيئاً" تفسير الطبري 10/159.
[15384]:- ساقطة من ب.
[15385]:- خوجهم.
[15386]:- د: ألا.
[15387]:- الظاهر من الخرم في "أ" أنها: أذيارهم.
[15388]:- انظر: تفسير الطبري 10/160.
[15389]:- انظر: معاني الفراء 1/303.
[15390]:- ب: الإعراب. وهي الآية 155: (وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا). وانظر: تفسير الطبري 10/160، وانظر: معاني الفراء 1/301.
[15391]:- ج: جعلهم.
[15392]:- انظر: تفسير الطبري 10/160.
[15393]:- ب: شخر.
[15394]:- انظر: تفسير الطبري 10/160 و161 و163، وأحكام ابن العربي 588، وتفسير ابن كثير 2/38.
[15395]:- انظر: تفسير الطبري 10/161، قال ابن كثير في تفسيره 2/39: "وهذا مرسل غريب" وانظر: إعراب النحاس 1/490.
[15396]:- انظر: معاني الفراء 1/301، وإعراب النحاس 1/490 وهو قول ابن عباس في أحكام القرطبي 6/124، وانظر: معاني الزجاج 2/162.
[15397]:- معاني الزجاج 2/162، وانظر: إعراب النحاس 1/490، وفي تفسير الطبري 10/163، قول السدي: "يملك الرجل منكم نفسه وأهله وماله".
[15398]:- مكررة في ب.
[15399]:- هو عبد ربه بن سعيد بن قيس الأنصاري أخو يحيى المدني، ثقة. توفي سنة 39هـ. انظر: التقريب 1/470.
[15400]:- د: المسكين.
[15401]:- ب: الخدم. د: الخاتم.
[15402]:- هو قول الحكم وسفيان وابن عباس ومجاهد في تفسير الطبري 10/162 و163، وحكاه ابن العربي في أحكامه 588 عن أشهب عن مالك.
[15403]:- انظر: معاني الفراء 1/303. ولم يذكر الزجاج في معانيه "البحر والحجر" 2/162.
[15404]:- هو قول ابن عباس في تفسير الطبري 10/165.
[15405]:- انظر: تفسير الطبري 10/166، وحكاه القرطبي في أحكامه 6/125 عن الحسن وانظر: تفسير ابن كثير 2/39.
[15406]:- ب: هو. ج د: هذا.
[15407]:- هو قول أبي مالك أيضاً في تفسير الطبري 10/164، وأحكام القرطبي 6/125 الذي عقب عليه بقوله: "وهذا عدول عن ظاهر الكلام بما لا يحسن مثله" بمعنى أن هذه الآية موجهة إلى "الذين ابْتُدِئ بخطابهم في أول الآية" تفسير الطبري 10/166.