الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَلَقَدۡ ذَرَأۡنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِۖ لَهُمۡ قُلُوبٞ لَّا يَفۡقَهُونَ بِهَا وَلَهُمۡ أَعۡيُنٞ لَّا يُبۡصِرُونَ بِهَا وَلَهُمۡ ءَاذَانٞ لَّا يَسۡمَعُونَ بِهَآۚ أُوْلَـٰٓئِكَ كَٱلۡأَنۡعَٰمِ بَلۡ هُمۡ أَضَلُّۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡغَٰفِلُونَ} (179)

ثم قال تعالى : { ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والانس }[ 179 ] .

{ ذرأنا } ، أي : خلقنا{[26183]} .

قال سعيد بن جبير : أولاد الزنا مما خلق الله ، ( سبحانه ){[26184]} ، لجهنم{[26185]} . يعني : الكفرة منهم . رواه [ ابن عمر ]{[26186]} عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، أنه قال : " لما ذرأ الله لجهنم ما ذرأ ، كان ولد الزنا مما ذرأ " {[26187]} .

{ لهم قلوب لا يفقهون بها }[ 179 ] .

أي : لهؤلاء الذين ذرأ لجهنم ، { لهم قلوب لا يفقهون بها{[26188]} } الهدى{[26189]} .

أي : لا يفقهون [ بها ]{[26190]} شيئا من أمر الآخرة{[26191]} .

{ ولهم أعين لا يبصرون بها }[ 179 ] ، الهدى{[26192]} .

{ ولهم آذان لا يسمعون بها }[ 179 ] ، الحق{[26193]} .

وقيل : { لا يفقهون بها } أي{[26194]} : لا يتفكرون في آيات الله ، ( سبحانه{[26195]} )/وأدلته ، ( جلت عظمته ){[26196]} على توحيده ، وحججه{[26197]} التي أتت بها الرسل ، { ولهم أعين لا يبصرون بها } آيات الله ، ( سبحانه{[26198]} ) ، وأدلته ( جلت عظمته{[26199]} ) ، { ولهم آذان لا يسمعون بها } أي : لا يسمعون آيات الله ، ( سبحانه ){[26200]} ، فيعتبرون . يقولون : { لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا{[26201]} فيه } وهو نظير قوله : { صم بكم عمي فهم لا يعقلون{[26202]} }{[26203]} .

{ أولئك كالانعام }[ 179 ] .

في جهلهم وقلة تمييزهم{[26204]} للحق .

{ بل هم أضل }[ 179 ] .

يعني أن البهائم لا تمييز{[26205]} لها ، فلا يلزمها{[26206]} نقص في جهل . وهؤلاء لهم تمييز ، فالنقص لهم لازم في جهلهم . فهم أشد نقصا في الجهل من البهائم . والبهائم مع عدم تمييزها تطلب لأنفسها المنافع ، وتفر من المضار ، وهؤلاء لا يعقلون ذلك ، يتركون ما فيه صلاح دنياهم وآخرتهم ، ويلزمون ما فيه مضرتهم ، فهم أضل من البهائم .

{ أولئك هم الغافلون }[ 179 ] .

أي : الذين غفلوا عن مصالحهم ومنافعهم ، وغفلوا عن آيات الله ، ( سبحانه{[26207]} ) ، وحججه{[26208]} وأعلامه الدالة{[26209]} على توحيده ( سبحانه{[26210]} ) وصدق رسله{[26211]} .


[26183]:وهو قول الحسن، والسدي، ومجاهد، وابن عباس، في جامع البيان 13/277، 278. وفي غريب ابن قتيبة 175: "...، ومنه ذرية الرجل: إنما هو الخلق. ولكن همزها يتركه أكثر العرب".
[26184]:ما بين الهلالين ساقط من "ج".
[26185]:جامع البيان 13/277، وتفسير ابن حاتم 5/1622.
[26186]:كذا في "ج" و"ر". وفي جامع البيان 13/277، وتفسير ابن أبي حاتم 5/1622، والدر المنثور 3/613: عبد الله بن عمرو.
[26187]:جامع البيان 13/277، بلفظ: "إن الله لما ذرأ...لجهنم". وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 5/1622، وأورده السيوطي في الدر المنثور 3/613. وإسناده ضعيف لجهالة أحد رواته. انظر: هامش تحقيق الشيخ محمود شاكر لجامع البيان، المصدر السابق.
[26188]:من قوله: أي: لهؤلاء إلى هنا، لحق في "ج".
[26189]:تفسير هود بن محكم الهواري 2/60.
[26190]:زيادة من "ج".
[26191]:وهو تفسير مجاهد في جامع البيان 13/280. وفي زاد المسير 3/292: "وقال محمد بن القاسم النحوي: أراد بهذا كله أمر الآخرة؛ فإنهم يعقلون أمر الدنيا".
[26192]:هو تفسير مجاهد في جامع البيان 13/280.
[26193]:هو تفسير مجاهد في جامع البيان 13/280.
[26194]:أي: لحق في "ج".
[26195]:ما بين الهلالين ساقط من "ج".
[26196]:انظر: المصدر السابق.
[26197]:في الأصل: وحججته، وهو تحريف لا معنى له. وفي "ج": وحجته. وأثبت ما في "ر". جامع البيان الذي نقل عنه مكي.
[26198]:ما بين الهلالين ساقط من "ج".
[26199]:فصلت: 25، وتمامها: {لعلكم تغلبون}.
[26200]:انظر: المصدر السابق.
[26201]:فصلت: 25 وتمامها {لعلكم تغلبون}.
[26202]:البقرة: 170، ومستهلها: {ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء...}.
[26203]:انظر: جامع البيان 13/278، 279، فالفقرة جميعها مستخلصة منه.
[26204]:في الأصل تميزهم.
[26205]:في الأصل: لا يتميز، وهو تحريف.
[26206]:في "ج": فلا يلحقها.
[26207]:ما بين الهلالين ساقط من "ج".
[26208]:في الأصل: وحججته، وهو تحريف. وفي "ر": وحججه، تبارك وتعالى.
[26209]:في الأصل: آلة، سقط الجزء الأول من الكلمة. و: على، رسمها الناسخ: عو.
[26210]:ما بين الهلالين ساقط من "ج".
[26211]:في "ر": عليهم السلام.