الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{۞هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسٖ وَٰحِدَةٖ وَجَعَلَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا لِيَسۡكُنَ إِلَيۡهَاۖ فَلَمَّا تَغَشَّىٰهَا حَمَلَتۡ حَمۡلًا خَفِيفٗا فَمَرَّتۡ بِهِۦۖ فَلَمَّآ أَثۡقَلَت دَّعَوَا ٱللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنۡ ءَاتَيۡتَنَا صَٰلِحٗا لَّنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّـٰكِرِينَ} (189)

ثم قال تعالى : { هو الذي خلقكم من نفس واحدة }[ 189 ] .

يعني : آدم{[26370]} ، [ عليه السلام ]{[26371]} .

{ وجعل منها زوجها }[ 189 ] .

يعني : حواء خلقت من ضلع من ( أضلاع ){[26372]} آدم{[26373]} .

{ ليسكن إليها }[ 189 ] .

ليأوي إليها ، لقضاء حاجته ولذته{[26374]} .

{ فلما تغشاها }[ 189 ] .

كناية عن الجماع{[26375]} .

{ حملت حملا خفيفا }[ 189 ] .

يعني : الماء الذي حملته حواء في رحمها من آدم{[26376]} ، عليهما السلام .

{ فمرت به }[ 189 ] .

أي{[26377]} : استمرت به ، قامت وقعدت ، وأتمت الحمل{[26378]} .

وقيل : المعنى : { فمرت به } وجاءت لم يثقلها الحمل أولا{[26379]} .

قال قتادة : { فمرت به } ، استبان حملها{[26380]} .

وقال مجاهد : [ استمر ]{[26381]} حملها{[26382]} .

وقيل معنى " فمرت به{[26383]} " : فشكت ، أحملت أم لا ؟ روي ذلك عن ابن عباس{[26384]} ، وقاله : يحيى بن يعمر{[26385]} .

وروي : أن البطن الذي ثقل عليها حمله ، كان البطن التاسع ، وكانت البطون التي قبله خفيفة عليها ، فلما أثقلت{[26386]} بهذا البطن التاسع ، مر بها إبليس فشكت إليه ثقل حملها ، فقال لها ، عدو الله ، سميه{[26387]} : " عبد الحارث " يخف عليك . ففعلت .

قال أبو حاتم المعنى : فاستمر بها الحمل ، فقُلِب الكلام . يقال : أدخلت الخف رجلي{[26388]} .

{ فلما أثقلت }[ 189 ] . أي : صار حملها الخفيف ثقيلا{[26389]} . وقال السدي { أثقلت }[ 189 ] ، : كبر الولد{[26390]} .

{ دعوا ربهما }[ 189 ] : يعني : آدم وحواء{[26391]} .

{ لئن آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين }[ 189 ] .

أي : غلاما . قاله الحسن{[26392]} ، ومعمر{[26393]} .

وقيل : إنهما أشفقا أن يكون الحمل غير إنسان ، فسألا أن يكون إنسانا{[26394]} .

قال ابن عباس : إنهما أشفقا أن يكون بهيمة{[26395]} .


[26370]:وهو تفسير مجاهد، وقتادة، كما في جامع البيان 13/303، 304، وتفسير ابن أبي حاتم 5/1630، وزاد نسبته إلى الضحاك، وأبي مالك، والسدي، ومقاتل.
[26371]:ما بين الهلالين ساقط من "ج" و"ر".
[26372]:ما بين الهلالين ساقط من "ج".
[26373]:وهو تفسير قتادة، كما في جامع البيان 13/304، وتفسير ابن أبي حاتم 5/1631.
[26374]:جامع البيان 13/304.
[26375]:معاني القرآن للزجاج 2/395، وتمامه: "أحسن كناية". وزاد الزمخشري في الكشاف: 2/179، :"...، وكذلك الغثيان والإتيان". وفي جامع البيان 13/304: "...، فلما تدثرها لقضاء حاجته منها، فقضى حاجته منها".
[26376]:جامع البيان 13/304، وتمامه نصه: "أنه كان حملا خفيفا، وكذلك هو حمل المرأة ماء الرجل، خفيف عليها". وفي معاني القرآن للزجاج 2/395: "....، الحمل ما كان في البطن، بفتح الحاء، أو أخرجته الشجرة، والحِمْل، بكسر الحاء، ما يحمل". انظر: مجاز القرآن 1/236، وإعراب القرآن للنحاس 2/167، وتفسير القرطبي 7/214.
[26377]:في الأصل: أي: "فمرت به"، أي: وهو سهو ناسخ.
[26378]:جامع البيان 13/304، بلفظ: استمرت بالماء...
[26379]:لم أجده فيما لدي من مصادر.
[26380]:جامع البيان 13/305، وتفسير ابن أبي حاتم 5/1631، وتفسير ابن كثير 2/274.
[26381]:زيادة من "ج" و"ر".
[26382]:التفسير 348، وجامع البيان 13/305، وتفسير ابن أبي حاتم 5/1632، وتفسير ابن كثير 2/274، وزاد نسبته إلى الحسن، وإبراهيم النخعي، والسدي.
[26383]:بتخفيف الراء، من المرية، وهي قراءة شاذة. جامع البيان 13/305، والدر المنثور 3/625.
[26384]:جامع البيان 13/305، وتفسير ابن أبي حاتم 5/1631، والدر المنثور 3/625، دون الإشارة إلى أنها قراءة.
[26385]:مختصر في شواذ القرآن 53، والمحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات 1/269، وإعراب القراءات الشواذ 1/579، وفيه: "ويقرأ: "فمرت"، و"فمارت"، مخففا، من: مريت، أي: شككت". انظر: المحرر الوجيز 2/486، وزاد المسير 3/301، وتفسير القرطبي 7/214، والبحر المحيط 4/437، والدر المصون 3/382.
[26386]:في "ج": ثقلت.
[26387]:في "ر": اسمه. وفي الأصل، بعد: يخف عليك، واسم إبليس اللعين، واسمي لإبليس اللعين، الحارث، وكنيته إبليس. أبو كدوس، ذكره عبد بن حميد عن سفيان، ففعلت. وفيه اضطراب وتحريف. و"ر": يخف عليك واسم إبليس اللعين الحارث ففعلت. وأثبت ما في "ج". وأحسب زيادة المخطوطتين مقحمة على المتن.
[26388]:تفسير القرطبي 7/214، بلفظ: "وقيل المعنى:....، فهو من المقلوب، كما تقول: أدخلت القلنسوة في رأسي". وفي المحرر الوجيز 2/486: "وقدره قوم على القلب، كأن المراد: فاستمر بها، كما تقول أدخلت القلنسوة في رأسي". وفي كتاب ما اتفق لفظه واختلف معناه للمبرد 325: "ويقولون أدخلت القلنسوة في رأسي، وأدخلت الخفة في رجلي. وإنما يكون مثل هذا فيما لا يكون فيه لبس ولا إشكال ولا وهم". انظر: البرهان 3/288.
[26389]:في جامع البيان 13/305: "...، فلما صار ما في بطنها من الحمل الذي كان خفيفا، ثقيلا، ودنت ولادتها'. وفي معاني القرآن للأخفش 1/343: "...: صارت ذات ثقل، كما تقول: "وأتمرنا" أي: صرنا ذوي تمر، و"ألبنا"، و"أعشبت الأرض". انظر: البحر المحيط 4/437.
[26390]:جامع البيان 13/305، وتفسير ابن أبي حاتم 5/1632، وتفسير ابن كثير 2/274، والدر المنثور 3/626، بلفظ: "كبر الولد في بطنها".
[26391]:تفسير هود بن محكم الهواري 2/65، وجامع البيان 13/306، ومعاني القرآن للزجاج 2/395، وتفسير البغوي 3/311، وفتح القدير 2/313.
[26392]:التفسير 1/395، وتفسير عبد الرزاق الصنعاني 2/243، وجامع البيان 13/306، وتفسير ابن أبي حاتم 5/163، وتفسير ابن كثير 2/274، والدر المنثور 3/626، وفتح القدير 2/316.
[26393]:ليس كما قال رحمه الله، وإنما رواه معمر عن الحسن. انظر: تفسير عبد الرزاق الصنعاني 2/243، وجامع البيان 13/306، وتفسير ابن أبي حاتم 5/1633.
[26394]:وهو قول أبي البختري وأبي صالح في جامع البيان 13/306، وتفسير ابن أبي حاتم 5/1633، وزاد نسبته إلى مجاهد، وأبي مالك.
[26395]:جامع البيان 13/306، وتفسير ابن كثير 2/274. وفي "ج": أن تكون، بتاء مثناة من فوق.