قوله : { هُوَ الذي خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ واحدة } هذا كلام مبتدأ يتضمن ذكر نعم الله على عباده وعدم مكافأتهم لها ، مما يجب من الشكر والاعتراف بالعبودية ، وأنه المنفرد بالإلهية . قال جمهور المفسرين : المراد بالنفس الواحدة آدم ، وقوله : { وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا } معطوف على { خَلَقَكُمْ } أي : هو الذي خلقكم من نفس آدم ، وجعل من هذه النفس زوجها ، وهي حواء ، خلقها من ضلع من أضلاعه . وقيل المعنى { جَعَلَ مِنْهَا } من جنسها ، كما في قوله : { جَعَلَ لَكُمْ مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا } والأوّل أولى . { لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا } علة للجعل : أي جعله منها لأجل يسكن إليها يأنس إليها . ويطمئن بها ، فإن الجنس بجنسه أسكن وإليه آنس . وكان هذا في الجنة ، كما وردت بذلك الأخبار . ثم ابتدأ سبحانه بحالة أخرى كانت بينهما في الدنيا بعد هبوطهما ، فقال : { فَلَمَّا تَغَشَّاهَا } ، والتغشي كناية عن الوقاع : أي فلما جامعها { حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا } علقت به بعد الجماع ، ووصفه بالخفة لأنه عند إلقاء النطفة أخفّ منه عند كونه علقة ، وعند كونه علقة أخفّ منه عند كونه مضغة ، وعند كونه مضغة أخفّ مما بعده . وقيل : إنه خفّ عليها هذا الحمل من ابتدائه إلى انتهائه ، ولم تجد منه ثقلاً . كما تجده الحوامل من النساء ، لقوله : { فَمَرَّتْ بِهِ } أي : استمرت بذلك الحمل تقوم وتقعد ، وتمضي في حوائجها لا تجد به ثقلاً ، والوجه الأوّل ، لقوله : { فَلَمَّا أَثْقَلَت } فإن معناه : فلما صارت ذات ثقل لكبر الولد في بطنها . وقرئ «فمرت به » بالتخفيف ، أي فجزعت لذلك ، وقرئ «فمارت به » من المور ، وهو المجيء والذهاب . وقيل المعنى : فاستمرّت به . وقد رويت قراءة التخفيف عن ابن عباس ، ويحيى بن يعمر . ورويت قراءة «فمارت » عن عبد الله بن عمر . وروي عن ابن عباس أنه قرأ «فاستمرت به » .
قوله : { دَّعَوَا الله رَبَّهُمَا } جواب لما : أي دعا آدم وحواء ربهما ومالك أمرهما { لَئِنْ آتَيْتَنَا صالحا } أي : ولداً صالحاً ، واللام جواب قسم محذوف ، و { لَنَكُونَنَّ مِنَ الشاكرين } جواب القسم سادّ مسدّ جواب الشرط ، أي من الشاكرين لك على هذه النعمة . وفي هذا الدعاء دليل على أنهما قد علما أن ما حدث في بطن حواء من أثر ذلك الجماع هو من جنسهما ، وعلما بثبوت النسل المتأثر عن ذلك السبب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.