الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلۡمُدَّثِّرُ} (1)

مقدمة السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم

سورة المدثر مكية {[1]}

- قوله تعالى : ( يا أيها المدثر ، قم فأنذر ) إلى قوله ( نذيرا للبشر )

أي : يا أيها المدثر بثيابه عند نومه {[71272]}

وروي {[71273]} أن النبي صلى الله عليه وسلم [ قيل له ذلك ] {[71274]} وهو متدثر {[71275]} بقطيفة {[71276]} . ذكره النخعي {[71277]} .

وروي أن هذا أول ما نزل عن النبي صلى الله عليه وسلم {[71278]} .

رواه {[71279]} جابر بن عبد الله قال : حدثني النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : جاورت {[71280]} في حراء فلما قضيت [ جواري ] {[71281]} هبطت فاستبطنت {[71282]} [ الوادي ] {[71283]} ، فنوديت فنظرت عن يميني وعن شمالي وخلفي ( وقدامي ) {[71284]} فلم أر شيئا ، فنظرت فوق رأسي فإذا هو –يعني الملك- جالس على العرش بين السماء والأرض [ فجُثِثْتُ ] {[71285]} منه . فأتيت {[71286]} خديجة فقلت : دثروني ، ( دثروني ) {[71287]} ، وصبوا علي ماء . وأنزل علي ( يا أيها المدثر ) {[71288]} .

وقال الزهري : كان أول شيء أنزل علي : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) حتى بلغ ( علم الانسان {[71289]} ما لم يعلم ) {[71290]} .

قال ابن عباس : ( يا أيها المدثر ) : " يا أيها النائم " {[71291]}

وقال قتادة : المدثر في ثيابه {[71292]} .

وقال عكرمة : معناه : " دثرت هذا الأمر فقم به " {[71293]} ، يعني النبوة .


[1]:أ: إذ.
[71272]:- انظر جامع البيان 29/142 وفيه: "المدثر".
[71273]:- ث، أ: روي.
[71274]:- م، ث: قيل له في ذلك.
[71275]:- أ: مدثر.
[71276]:- انظر معنى القطيفة في ص 261 من هذا التفسير.
[71277]:- انظر جامع البيان 29/143 والدر 8/325.
[71278]:- انظر جامع البيان 29/143.
[71279]:- أ: ورواه.
[71280]:- أي: "اعتكفت: وهي مفاعلة من الجوار" النهاية لابن الأثير 1/313.
[71281]:- م: جراري.
[71282]:- أ: واستبطنت. وفي اللسان: (بطن): "تبطَّنتُ الوادي: دخلت بَطْنَهُ وجَوَّلتُ فيه".
[71283]:- م: الواد.
[71284]:- ساقط من أ.
[71285]:- م: فجثت، أ: فحتت، وفي إحدى روايات مسلم: فجُئِثْتُ. قال النووي: "أما معنى هذه اللفظة فالروايتان بمعنى واحد، أعني: رواية الهمز ورواية الثاء ومعناها فَزِعْتُ ورعبت وقد جاء في رواية البخاري "فَرُعِبْتُ ورعبت وقد جاء في رواية البخاري "فرُعِبْتُ"، قال أهل اللغة: جُئِثَ الرجل إذا فزع فهو مَجْؤُوثٌ، قال الخليل والكسائي: جُئِثَ وجُثِثَ فهو مَجْؤُوثٌ ومَجْثُوثٌ أي: مذعورٌ فَزِعٌ، والله أعلم". انظر صحيح مسلم بشرح النووي 2/207 والفتح 8/722.
[71286]:- أ: قال فأتيت.
[71287]:- ذكرت في أ، ث مرة واحدة. وهي كذلك في بعض الروايات، انظر جامع البيان 29/143.
[71288]:- الحديث أخرجه البخاري في كتاب التفسير، سورة المدثر، ح: 4922-4926. ومسلم في كتاب الإيمان، باب بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. والترمذي في التفسير، سورة المدثر 5/100 ح: 3381. والطبري في جامع البيان 29/143 كلهم عن جابر بن عبد الله من عدة طرق، وبألفاظ فيها اختلاف. قال النووي – في الجمع بين هذا الحديث وما ثبت في صحيح البخاري، في كتاب بدء الوحي ح3 عن عائشة رضي الله عنها أن أول ما نزل {اقرأ باسم ربك} – قال : "والصواب أن أول ما أنزل على الإطلاق {اقرأ باسم ربك} كما صُرِّح به في حديث عائشة رضي الله عنها، وأما {يا أيها المدثر} فكان نزولها بعد فترة الوحي كما صُرِّح به في رواية الزهري عن أبي سلمة عن جابر، والدلالة صريحة فيه، في مواضع منها قوله –وهو يحدث عن فترة الوحي- إلى أن قال: "فأنزل الله تعالى {يا أيها المدثر}"، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم : "فإذا الملك الذي جاءني بحَرَاءَ"، ثم قال: فأنزل الله تعالى: {يا أيها المدثر} ومنها قوله :" ثم تتابع الوحي"، يعني بعد فترته". صحيح مسلم بشرح النووي 2/207-208.
[71289]:- ساقط من أ وانظر جامع البيان 29/144.
[71290]:- العلق: 1، 5.
[71291]:- المصدر السابق.
[71292]:- انظر المصدر السابق وفيه: "المدثر"؟
[71293]:- جامع البيان 29/144.