تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَإِذۡ وَٰعَدۡنَا مُوسَىٰٓ أَرۡبَعِينَ لَيۡلَةٗ ثُمَّ ٱتَّخَذۡتُمُ ٱلۡعِجۡلَ مِنۢ بَعۡدِهِۦ وَأَنتُمۡ ظَٰلِمُونَ} (51)

الآية 51 وقوله عز وجل : ( وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ) كان الوعد لهم ، والله أعلم ، وعدين{[764]} :

أحدهما : من الله عز وجل بصرف موسى إليهم مع التوراة كقوله : ( ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا ) [ طه : 86 ] أي صدقا .

ووعد آخر ، كان من موسى بانصرافه إليهم بالتوراة على رأس أربعين ليلة كقوله : ( فأخلفتم موعدي ) [ طه : 86 ] .

وقوله : ( ثم اتخذتم العجل من بعده ) [ يحتمل وجهين ]{[765]} : يحتمل{[766]} ( اتخذتم ) : أي عبدتم ، فاستوجبوا ذلك التعيير{[767]} واللائمة بعبادة العجل لا باتخاذه نفسه ، ويحتمل ( اتخذتم العجل ) إلها ، فاستوجبوا ذلك باتخاذهم إلها كقوله : ( فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار فقالوا هذا إلهكم وإله موسى ) [ طه : 88 ] وهذا كأنه{[768]} أقرب . وقيل : ( اتخذتم ) أي صنعتم ، والله أعلم .

قوله : ( وأنتم ظالمون ) قيل في الظلم بوجوه : قيل : إن كل فعل يستوجب به الفاعل عقوبة فهو ظلم . وقيل : إن كل عمل لم يؤذن له فهو ظلم ؛ وههنا ، حين فعلوا ما لم يؤذن لهم ، نسبهم إلى الظلم ؛ لأنهم ظلموا أنفسهم . وقيل : إن الظلم هو وضع الشيء في غير موضعه ، فسموا بذلك لأنهم وضعوا الألوهية في غير موضعها ، وهذا كأنه ، والله أعلم ، أقرب .


[764]:- من ط م، في الأصل و ط ع: وعدان: من علماء اللغة من يلزم المثنى الألف.
[765]:- من ط م.
[766]:- ساقطة من ط م.
[767]:- من ط م، في الأصل و ط ع: التغيير.
[768]:- في ط م: كان.