تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{لَّا تَجۡعَلُواْ دُعَآءَ ٱلرَّسُولِ بَيۡنَكُمۡ كَدُعَآءِ بَعۡضِكُم بَعۡضٗاۚ قَدۡ يَعۡلَمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمۡ لِوَاذٗاۚ فَلۡيَحۡذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنۡ أَمۡرِهِۦٓ أَن تُصِيبَهُمۡ فِتۡنَةٌ أَوۡ يُصِيبَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (63)

الآية 63 : وقوله تعالى : ]لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا[ هذا يحتمل وجهين : أحدهما : ]لا تجعلوا دعاء الرسول[ إياكم إلى ما يدعوكم إليه ]كدعاء بعضهم بعضا[ مرة تجيبونه ، ومرة لا تجيبونه كما يجيب بعضكم بعضا إذا دعاه مرة ، ولا يجيبه تارة . بل أجيبوا رسول الله في جميع ما يدعوكم إليه في كل حال تكونون .

والثاني : لا تجعلوا دعاءكم الرسول إذا دعوتموه كما يدعو بعضكم بعضا : يا فلان ويا فلان ، ولكن ( ادعوه باسمه المخصوص{[14264]} ) به : يا رسول الله ، ويا نبي الله على ما أقررتم أنه مخصوص من بينكم ، ليس كمثلكم .

فعلى ذلك في الدعاء والإجابة اجعلوه مخصوصا تعظيما له وإجلالا خصوصية له وفضيلة ، وهو ما ذكر{[14265]} في آية أخر : ى ]لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض[ ( الحجرات : 2 ) .

وقوله تعالى : ]إذ يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا[ قال بعضهم : إن المنافقين إذا كانوا في أمر جامع ، فيسمعون رسول الله ، يذكر مثالبهم ومساوئهم وعيوبهم ، فيتسللون كراهية لما سمعوا ؛ يلوذ بعضهم( ببعض ، وقال بعضهم : نزلت ){[14266]} هذه في المنافقين الذين كانوا يذهبون عنه ، ويخرجون من عنده بغير استئذان منهم .

وقوله تعالى : ]لواذا[ أي يستترون بالشيء ، ويلوذ بعضهم ببعض ، ويستر بعضهم بعضا{[14267]} ، فيخرجون .

وقوله تعالى : ]فليحذر الذين يخالفون عن أمره[ يحتمل قوله : ]يخالفون عن أمره[ أي يخالفون أمره ، وحرف ]عن[ يكون أصله فيه

وجائز أن يكون على ظاهر ما ذكر ]يخالفون عن أمره[ فإن كان على هذا فكأنه قال : ]يخالفون عن أمره[ أي{[14268]} يعدلون عن أمره ، ويزيغون عنه كقوله : ]ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير[ ( سبإ : 12 ) .

وقوله تعالى : ]أن تصيبهم فتنة[ تحتمل الفتنة الكفر وتحتمل{[14269]} القتال والتعذيب في الدنيا ]أو يصيبهم عذاب أليم[ في الآخرة ، والله أعلم .


[14264]:في الأصل: أدعو باسم هو مخصوص.
[14265]:من م، في الأصل: ذكرنا.
[14266]:في الأصل: نزل، في م: ببعض، وقال بعضهم: نزل.
[14267]:في الأصل وم: ببعض.
[14268]:من م، في الأصل: و.
[14269]:من م، في الأصل: و.