تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{يَـٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ قَدۡ جَآءَكُمۡ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمۡ عَلَىٰ فَتۡرَةٖ مِّنَ ٱلرُّسُلِ أَن تَقُولُواْ مَا جَآءَنَا مِنۢ بَشِيرٖ وَلَا نَذِيرٖۖ فَقَدۡ جَآءَكُم بَشِيرٞ وَنَذِيرٞۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (19)

وقوله تعالى : { يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم } يحتمل قوله تعالى : { يبين لكم } ما كنتم تكتمون من بعثه وصفته ، وتحرفون كقوله تعالى : { يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفوا عن كثير } [ المائدة : 15 ] ويحتمل : { يبين لكم } مما لكم وعليكم من الأحكام والشرائع . ويحتمل { يبين لكم } مما كان عليه الأنبياء والرسل .

وقوله تعالى : { على فترة من الرسل } قيل : انقطاع من الرسل من لدن بني إسرائيل إلى عيسى عليه السلام لأنه قيل : إنه كان [ رسولا على إثر ] رسول ، لم يكن بين رسولين انقطاع . فأخبر عز وجل أنه بعث محمدا صلى الله عليه وسلم على حين { فترة من الرسل } ليس على انقطاع منهم ، ولكن على ضعف أمور الرسل وآثارهم من الفتور ؛ يقال : فتر يفتر فتورا . يخبر ، والله أعلم ، أنما بعث الرسول بعدما درس آثار الرسل ، وضعفت ووقع في ما بينهم اختلاف للضعف ليبين لهم ما ذكر{ أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير } يقطع احتجاجهم بذلك ، وإن لم يكن لهم في الحقيقة ، وهو كما قال : { لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل } [ النساء : 165 ] وكقوله : { أن لا يقولوا على الله إلا الحق } [ الأعراف : 169 ] { بشير } بالجنة لمن أطاع { ونذير } بالنار لمن عصاه [ وقوله تعالى ] : { فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شيء قدير } يحتمل { على كل شيء قدير } من بعث الرسل على فترة منهم وإحياء ما درس من آثار الرسل وما ضعف من رسومهم ، والله أعلم .