وجائز أن يكون دعاؤهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ذكر من قوله : { ودوا لو تدهن فيدهنون } ، والمداهنة هي الملاطفة والملاينة في القول .
ثم رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يذكر آلهتهم بسوء ، ويسفّههم بعبادتهم إياها ، ويسفه أحلامهم ، ويجهّلهم ، وهم لم يكونوا يجدون في رسول الله صلى الله عليه وسلم مطعنا ، فكانوا ينسبونه إلى الكذب مرة ، وإلى الجنون ثانيا ، وإلى السحر ثالثا ، وكانوا يتخذونه هزوا إذا رأوه ، فكانوا يطعنون فيه من هذه الأوجه ، بإزاء ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسفههم ، ويذكر آلهتهم بسوء ، مع علمهم أنه ليس بكذاب ولا ساحر ولا كاهن .
ألا ترى إلى قوله تعالى : { قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك } [ الأنعام : 33 ] فأخبر تعالى أنهم ليسوا يكذبونه لما وقفوا منه على الكذب ، بل كانوا عرفوه بالأمانة والصدق ، ولم يكونوا وقفوا منه على كذب قط ، وإنما الذي حملهم على التكذيب واتخاذهم إياه هزوا ذكره{[21783]} آلهتهم بسوء ، ولذلك{[21784]} قال : { وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي يذكر آلهتكم } [ الأنبياء : 36 ] فكانت معاملتهم هذه مجازاة لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
الآية 9 وقوله تعالى : { ودوا لو تدهن فيدهنون } يخرّج على هذا ، إن شاء الله تعالى ، هو أنك لو تركت ذكر آلهتهم بسوء ، ولم تسفه أحلامهم ، لامتنعوا أيضا عما عليه من نسبتهم إياك إلى الجنون والسحر والكذب وغير ذلك . ولكنه كان يذكرهم ، وهو في ذلك بحق ، وهم كانوا يذكرونه بما قالوا بالباطل والزور ، فيكون قوله : { فلا تطع المكذبين } في ما يدعونك إلى المداهنة .
ثم هم لو داهنوا كانوا في مداهنتهم محقين ، فإن تركوا ذلك فقد تركوا الحق الذي كان عليهم .
ورسول الله صلى الله عليه وسلم لو داهنهم لم يكن في مداهنتهم محقا . فلذلك نهي عن المداهنة . وقال بعض المفسرين : { ودوا لو تدهن فيدهنون } أي لو ترفض ما أنت عليه من الدين ، وهذا لا يستقيم لأنه إذا رفض ما هو عليه من الدين كفر ، وهم لو تركوا ما هم عليه صاروا مسلمين ، فيبقى بينهم الاختلاف الذي لأجله{[21785]} دعوا إلى المداهنة ، وودوها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.