تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{نٓۚ وَٱلۡقَلَمِ وَمَا يَسۡطُرُونَ} (1)

مقدمة السورة:

/586-ب/ سورة{[1]} { ن و القلم } وهي مكية .

الآية 1 وقوله تعالى : { ن والقلم وما يسطرون } اختلف في تأويل { ن } فمنهم من يقول : هو الحوت كقوله : { وذا النون إذ ذهب مغاضبا } [ الأنبياء : 87 ] فنسبه إلى النون ، وهو الحوت ألا ترى إلى قوله : { فالتقمه الحوت وهو مليم } [ الصافات : 142 ] .

ومنهم من يقول : النون هو الدّواة ، فتأويله هذا على جهة الموافقة ، لأنه ذكر القلم وما يسطر به ، فلم يبق ههنا سوى الدواة ، فحمله على الدواة على الموافقة ، لا أن يكون فيه معنى يدل على إرادة الدواة منه ، والله أعلم .

ومنهم من يقول : هي فارسية معربة : النون كن أي اصنع ما شئت ؛ يقال هذا عند الإياس ؛ إذ المرء إذا أيس من آخر قال له : اصنع ما شئت إذن{[21765]} .

ومنهم من يقول : هو من الحروف المقطعة . ويشبه أن يكون هو المراد ، لأنه ذكر القلم { وما يسطرون } على إثره ، وإنما يكتب بالقلم ، وتسطر الحروف المعجمة . فأخبر تعالى عظيم صنعه ولطفه بإنشائه هذه الحروف ، وخلقه القلم وما يسطر [ به حين ]{[21766]} يوصل بها إلى تعرف الحكمة وكل ما تكون به المصلحة من الدين والدنيا . بل جعل قوام الدين والدنيا بها .

ومنهم من يجعل كل حرف من الحروف المعجمة اسما من أسماء الله تعالى ، أو افتتاح اسم من أسمائه .

وكذلك يروى عن بعض الصحابة رضي الله عنهم أنه قال ذلك .

فإن كان النون اسما من أسماء الله تعالى ، فالقسم به قسم بالله تعالى . وإن كان على غيره من الوجوه التي ذكرناها ، فالقسم جار بما به قوام سائر الخلق ومصالحهم . وقد ذكرنا أن القسم تأكيد ما يقصد من الأمر ، والله أعلم .


[1]:- في ط ع: سمح.
[21765]:ساقطة من م
[21766]:في الأصل و م:عليه حيث